سيظل يوم الأربعاء الموافق 11 /4 /2012 مرتبطاً في ذهني بتلك الوجوه الباسمة المتفائلة التي يملؤها الحماس والرغبة في أن يكون (بكره أحلي من النهاردة ) وجوه أولادنا الجدد في العمل الجمركي من أوائل الخريجين ومن مصابي الثورة، الذين قام الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بتعيينهم في الجهاز الإداري للدولة بقرار مجلس الوزراء رقم(15) بتاريخ 16 /6 /2011، والذي يتم من خلال المشروع القومي لتشغيل أوائل الخريجين بالجامعات المصرية، وجامعة الأزهر إعتباراً من عام 2003 حتي عام 2010. والتي عبر عنها السيد الأستاذ الدكتور الوزير/ صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بأن عدد المرشحين للوظائف الحكومية يبلغ عددهم 47 ألفا للعشرين الأوائل لكليات الجامعات المصرية.
ولقد كان لمصلحة الجمارك المصرية عدد لا بأس به من تلك النخبة المميزة، من أوائل الجامعات المصرية المختلفة، وكان من نصيب الجمارك هؤلاء الشباب الصاعد الواعد الرائع، ثم صدر قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتعيين مصابي الثورة في الجهاز الإداري للدولة.
لقد أقام هؤلاء المعينون الجدد بمصلحة الجمارك إحتفالية بدون مناسبة.. بدون مسمي .. لمجرد أن يعلنوا فرحتهم وسعادتهم بالإنتماء لمجتمع الجمارك أقاموا احتفالاً بالمعهد القومي للتدريب الجمركي بالإسكندرية للتعبير عن سعادتهم ببدء إنقشاع الظلام عن مصر كلها وعودة المجد والعزة لمصر وأبنائها..
وجه الشباب الدعوة للسيد الأستاذ/ رئيس قطاع الموارد البشرية وبناء القدرات، لأنهم كما يصفونه الأب الروحي والمثل الأعلى لهم ومعه المسئولين بالمعهد جميعهم ..نظموا الحفل وأبدعوا في الكلمات وأداروا الحوار وكأن خلفهم خبرات عريضة في هذا العمل .. وما أن أعطوا الكلمة لرئيس قطاع الموارد البشرية وبناء القدرات حتي وصفهم بالبسمة علي وجه الجمارك وعشق الشباب هذا الوصف فأصبحت هذه الدفعة من المعينين الجدد من أوائل الخريجين ومصابي الثورة "بسمة 2012 " علي وجه الجمارك المصرية.
علي أنني أجدني منحازة بشدة إلي حوار خاص مع هؤلاء الشباب من مصابي الثورة الذين كان سعيهم مفتاح الحرية لمصر، وسعيهم هو الذي فتح أبواب العمل لهم ولأوائل الخريجين..
إذا نظرت إلي تلك الوجوه تجد أولادنا الذين هم في عمر الزهور، شباب متألق جميل متحمس لديه طموح وعزة نفس وثقة لا حدود لها .. شباب مستمتع بصورة رائعة بمستوي الكرامة التي يشعر بها وبما فعله لنفسه ولوطنه.
لقد بدأ هؤلاء الشباب حياتهم فقط يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير 2011، حين خرجت جموعهم تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، والسياسية والاقتصادية و مطالبين بالعدالة الإجتماعية، وعندما وجدوا أن النظام يراوغ ويتلاعب، قالوا كلمتهم التاريخية، الشعب يريد إسقاط النظام ..وقد كان لهم ما أرادوا.
ومن حسن الحظ لهؤلاء المعينين الجدد أن يقوم رئيس الجمارك المصرية بإصدار تعليماته لقطاع الموارد البشرية بأن يبدأ تدريب هؤلاء المعينين الجدد من اليوم الأول ويستمر التدريب حتي يكونوا علي علم ومعرفة تامة بأسس العمل الجمركي إلي تدريب وتطوير العاملين لديها، لتحقيق أهدافها في النمو والتطور..
ويقوم المعهد القومي للتدريب الجمركي بتنفيذ هذه التعليمات من خلال برنامج رائع تم إعداده بمنتهي الدقة لهؤلاء المعينين وربما يكونوا هم فقط من بين جميع من ألتحق بالعمل الجمركي الذين حصلوا علي هذا القدر من التدريب والتعليم قبل النزول إلي مواقع العمل، حيث يبدأ التدريب ببرنامج التعريف بمصلحة الجمارك ويستمر من 3/3/ 2012 حتي 27 /5/ 2012، ثم يبدأ بعده برنامج التدريب للقسم المتقدم ، والذي يمكن بعده أن يتم توزيع هؤلاء الشباب علي مواقع العمل.
وعلي هامش هذه الإحتفالية وجدتني أتسلل إلي هؤلاء الشباب لأدير الحوار مع البعض منهم للتعرف علي ما كانوا عليه، وما أصبحوا فيه، بل وما هي أحلامهم وطموحاتهم.
كان لقائي الأول مع الشاب هيثم صلاح أحمد وهو حاصل علي ليسانس حقوق جامعة الإسكندرية دفعة 2006، وهو شاب، متحمس، طموح، قام بالعمل في مهنة المحاماة منذ تخرجه، وحتي إستلامه لخطاب التعيين بمصلحة الجمارك، بدء حديثه معي بحماس شديد:-
- قبل قيام ثورة 25 يناير لم يكن هناك تعيينات في الحكومة، وكان المفتاح السري، هو معرفة أعضاء مجلس الشعب، أو بالأدق الواسطة، إلا أنه بعد قيام ثورة 25 يناير تغير هذا المفهوم لتطبق آية الله بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فنحن من أوائل الجامعات المصرية، ومن حقنا أن نجني ثمار مجهودنا، وأحمد الله الذي أختار لنا العمل بمصلحة الجمارك، لدورها الفريد في حماية الاقتصاد القومي، وما تحققه من أهداف إستراتيجية، ومن وجهة نظرى الخاصة، فمصلحة الجمارك من أرقي المصالح الحكومية في مصر، فلقد لمست فيها الكثير من المميزات، أخصها التدريب قبل إستلام العمل، وكثرة الوظائف وتنوعها والتي تصل إلي 84 وظيفة، والأجمل الروح الطيبة والأمل الذي أراه في كل من قام بإستقبالنا أو تدريبنا من أول يوم بالتعيين.
وبرشاقة وخفة ظل تتسلل إلي الحوار فتاة باسمة هي شيماء، وهي حاصلة علي بكالوريوس التجارة من جامعة الإسكندرية دفعة 2010، وهي أخر دفعة يشملها قرار تعيين أوائل الخريجين، وهي تتحدث هامسة بأن هذا من فضل ربي أولاً وبفضل إخواننا من الثوار الذين يشاركنا بعضهم هذا البرنامج التدريبي وبفضل ثورتنا العظيمة التي غيرت وجه التاريخ، تقول شيماء لي:-
- أكثر ما أسعدني تلك الروح الديمقراطية التي يعاملنا بها الجميع والتي ليس أدل عليها من أن يعلن لنا رئيس القطاع بنفسه أن توزيعنا علي المواقع سيتم حسب إختصاصاتنا وليس كما كنا نسمع من قبل عن عشوائية التوزيع.
نموذج آخر من أوائل الخريجين يتمثل في السيدة الشابة أماني حسن عبد السلام خريجة جامعة الأزهر- قسم إدارة أعمال دفعة 2004 كانت الثالثة علي الدفعة في الترتيب متزوجة وهي أم لبنتين، تقول:
- رزقني الله بالعمل في الوقت المناسب وكم أنا سعيدة بأن يكون هذا العمل في مصلحة الجمارك التي كنت أسمع عنها خلاف ما رأته عينياي منذ تم تعييني فيها، وسعيدة أكثر بالتدريب وأتمنى أن أشارك بأي عمل يكون من شأنه القضاء علي أي شكل من أشكال الفساد، بل و أتمني أن أكون ممن يقطع الأيدي المخربة لبلدنا الحبيبة.
ولم يخلو الحوار من بعض العناصر المتميزة، من مصابي الثورة، ومنهم علي سبيل المثال، الأستاذ/محمد عبد العليم عبد الله خليفة مواليد 20 /12 /1988 أحد مصابي الثورة، الذين تم تعيينهم بمصلحة الجمارك. إندفع معبر عن حماس شباب الثورة، وتحدث عن أوضاع مصر قبل الثورة، وفي عهد النظام السابق، والتي أدت إلي إحباط الشعب بكافة فئاته، وحرمتهم من الحلم بغد أفضل. حتى كانت النواة الأولي للثورة المصرية، وخرج مع شباب مصر، يضع يده في أيديهم، يجتمعوا لتحقيق هدف واحد، وهو إسقاط النظام الغاشم الفاسد، وتحقيق المساواة، والعدالة الإجتماعية، خرج من أجل مصر، لم يكن يعلم إنه سيكون مستفيد من الثورة بشكل شخصي، لقد أصيب، وهو يحاول إنقاذ شاب لا يعرفه، قد أصيب وسقط علي الأرض ينزف، وإندفع نحوه، وسمع أحد ضباط الأمن المركزي يصيح بأن يتراجع، فلم يلتفت إليه ولم يهرب، ولكن أكمل السير نحو المصاب، وهنا وقع علي الأرض مصاب بخرطوش في قدمه اليمني، وإستمر يزحف تجاهه، حتى أصيب بالطلقة الثانية، في القدم اليسرى، فشلت حركته، ولم يستطع الحركة، وظل بمكانه حتى وصلت سيارة الإسعاف.
بعد صدور قرار القوات المسلحة، بتعيين مصابي الثورة تكريما لهم. تقدم بالتقارير الطبية ومحضر النيابة إلي الصندوق القومي لرعاية أسر شهداء ومصابي الثورة وتم بحمد الله تعينه بمصلحة الجمارك، وتلك كانت كلماته "أنا علي يقين بأن التغيير قادم ،والثورة مستمرة، وأقولها الآن بكل ثقة غدا أفضل أن شاء الله ".
وقد أختتم الحفل بكلمة ألقاها الأستاذ/حسام الدين عبد الكريم، أحدي مصابي الثورة . وأشاد بالثورة العظيمة، التي توجت بدماء العديد من الشهداء، في مختلف أنحاء الجمهورية، الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة، فداء للوطن، ومن أجل تحقيق العدل، والمساواة، ورفع الظلم، عن كاهل الجميع.
فتحية إعزاز وتقدير لهؤلاء الأبطال الشهداء، وتحية لكل مصري حر، شارك في هذه الثورة المجيدة .
وتقدم بالشكر ووافر التقدير للأستاذ / محمود أبو العلا، الذي شعروا به أباً حنوناً مخلصا لأبنائه، يسعى جاهدا إلي تسليحهم بالعلم، وبناء قدراتهم، ومهاراتهم علي أعلي مستوي، من أجل إعداد جيلاً متميزاً، قادراً علي مواجهه تحديدات العمل.
كما تقدم بالشكر إلي إدارة المعهد، والسادة المحاضرين الذين لم يدخروا وسعا ولم يبخلوا بوقتهم وعلمهم وخبراتهم وسعدوا بهم ومعهم.
وتعهدوا بأن تستكمل تلك الثورة المجيدة من خلال عملهم بذلك الصرح الشامخ والوصول بالمصلحة لمصاف الجمارك العالمية.
وفي النهاية تتوجه أسرة الجمارك المصرية بالشكر لثورة 25 يناير التي كانت سببا لإنضمام هذا الشباب الواعي المتفتح الطموح لأسرة مصلحة الجمارك .
التسميات
مقالات