قرأت لك اليوم كتاب في مجال العلوم الانسانية بعنوان
"قوة التحكم في الذات"
للدكتور ابراهيم الفقي وهو رئيس مجلس ادارة المعهد الامريكي والمركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية وشركة كيوبس العالمية.
وهو حاصل علي درجة الدكتوراة في علم الميتافيزيقا وثلاث منن اعلي التخصصات في التنمية البشرية في العالم وله مؤلفات ترجمت الي عدة لغات .
يبدأ الكاتب بقصة صغيرة في المقدمة فيقول وقع فيل ابيض صغير في فخ الصيادين في افريقيا عندما كان عمره شهران وبيع في الاسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة وبدأ المالك علي الفور في ارسال الفيل الي بيته الجديد في حديقة الحيوان وعندما وصل المالك مع الفيل الي المكان الجديد قام العمال بربط احد أرجل الفيل بسلسلة حديدية قوية وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد الصلب ووضعوا الفيل في مكان بعيد في الحديقة شعر الفيل بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية وعزم علي تحرير نفسه من هذا الاسر ولكنه عندما حاول ان يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الاوجاع تزداد عليه فما كان منه بعد عدة محاولات الا ان يتعب وينام ويكررالمحاولة في اليوم التالي .
ومع تكرارهذه المحاولة كل يوم ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله قرر الفيل أن يتقبل الواقع ولم يحاول تخليص نفسه مرة اخري وبذلك استطاع المالك الثري ان يبرمج الفيل علي تقبل الوضع وفي احدي الليالي عندما كان الفيل نائما ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب مما كان من الممكن ان تكون فرصة للفيل لتخليص نفسه ولكن الذي حدث كان هو العكس تماما فقد تبرمج الفيل علي ان محاولاته ستبؤ بالفشل وتسبب له الالام والجراح وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تماما ان الفيل قوي للغاية ولكنه كان قد تبرمج تماما بعدم قدرته وعدم استخدام قوته الذاتية.
وفي يوم زار الحديقة فتي صغير مع والدته وسأل المالك "هل يمكنك يا سيدي ان تشرح لي كيف ان هذا الفيل القوي لا يستطيع تخليص نفسه من الكرة الخشبية؟" فرد المالك" بالطبع يا بني انت تعلم ان هذا الفيل قوي جدا ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت وانا ايضا اعرف هذا ولكن المهم هو ان الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدي قدرته الذاتية".
ومن هنا يرشدنا الكاتب في هذا الكتاب الي الطريقة التي تستطيع بها ان تتحكم في شعورك واحاسيسك في الحال وكيف تستطيع تغيير الاعتقادات السلبية الي اخري ايجابية والقضاء علي السلوكيات السلبية التي تمنع الفرد من تحقيق اهدافه وتحويلها الي قوة ذاتية يقسم الكتاب التحكم في الذات الي خمسة اجزاء اساسية
- التحدث مع الذات.
- الاعتقاد.
- طريقة النظر للاحداث (اساس الامتياز).
- العواطف (ألوان قوس قزح).
- السلوك ....الطريق للفعل.
يتناول في الجزء الاول الخاص بالتحدث عن الذات البرمجة السلبية وتأثيرها في حياتنا فمعظم االناس تتبرمج منذ الصغر علي التصرف والكلام بطريقة معينة ويعتقدون اعتقادات معينة ويشعرون بأحاسيس سلبية وتعاسة من اسباب معينة واستمروا في حياتهم بنفس التصرفات واصبحوا سجناء برمجتهم ومتعقداتهم السلبية التي تحد من حصولهم علي ما يستحقون في الحياة .ولكن هولاء الناس لا يدركون ان هذه البرمجة نستطيع ان نغيرها ونستبدلها بأخري ايجابية تساعدنا علي العيش بسعادة وتحقيق اهدافنا.
والخطوة الاولي لتحقيق ذلك هو ان تقرر التغيير فقرارك هو الذي سيضئ لك الطريق لحياة افضل ويجب ان تعلم ان أي تغيير في حياتك يحدث اولا في داخلك.
الباب الاول - التحدث مع الذات (القاتل الصامت)
في هذا الجزء يسأل الكاتب هل تتحدث مع نفسك؟ وما الذي يتسبب في تحدثك مع ذاتك؟ وكيف يمكنك ان تتحكم في ذلك؟ وكيف تجعل هذا التحدث يعمل لمصلحتك بدلا من ان يعمل ضدك؟
وحسب رؤية الكاتب فإن هناك خمسة مصادر للتحدث مع الذات وهو مايسمي بالبرمجة الذاتية وهي علي الترتيب (الوالدين -المدرسة - الاصدقاء - الاعلام - انت نفسك).
وينتقل بعدها للمستويات الرئيسية للتحدث مع الذات وهي ثلاث مستويات .
- المستوي الاول
الارهابي الداخلي وهوا خطر مستويات التحدث مع الذات وهذا المستوي يبعث اشارات سلبية للعقل الباطن ويشعرك بعدم الكفاءة ويضع امامك الحواجز .
- المستوي الثاني
هو كلمة "ولكن " السلبية. هذا المستوي افضل من الاول حيث يكون لدي الشخص الرغبة في التغيير وعند اضافته كلمة ولكن فتمحو هذه الكلمة الاشارات الايجابية من العقل الباطن لانها تبعث بأحساس الخوف للشخص ليتهرب من اتخاذ أي قرار فعال مما يمنع الشخص من الوصول لهدفه.
- المستوي الثالث
التقبل الايجابي وهو اقوي المستويات حيث انه يكون مصدر للقوة وعلامة علي الثقه بالنفس والتقدير الشخصي السليم مثل انا استطيع تحقيق اهدافي هذه الرسائل الايجابية تدعم الثقة تجاه اهدافنا الي ان نحققها.
وهناك ثلاث انواع للتحدث مع الذات وهى:
- الفكر
وهوذو قوه شديدة فكما كتب" فرانك اوتلو " راقب افكارك لانها ستصبح افعال ،راقب افعالك لانها ستصبح عادات ،راقب عاداتك لانها ستصبح طباع ،راقب طباعك لانها ستحدد مصيرك.
- الحوار مع النفس
مثل استرجاعك لموقف ما مع شخص وتوجيه اللوم علي نفسك فيما فعلته في هذا الموقف وما كان يجب عليك فعله وهذا النوع من التحدث مع الذات يولد احاسيس قوية سلبية.
- التعبير بصراحة والجهر بالقول
وهو اما يكون التحدث مع النفس بصوت مرتفع وهو في حالة ما يكون الشخص تحت ضغط غير عادي فيلجأ لهذا الاسلوب للتنفيس عن نفسه ولكنها تؤدي لاضرار صحية وتقوم بتوليد طاقة سلبية ضخمة أو علي هيئة محادثة توحي بعدم الكفاءة بأن تتحدث الي نفسك بتكرار للعبارات السلبية وتقبلها من الاخرين وهي علي ذلك هدامة وسلبية وتقلل من اداء دورك، وقد يحدث ان نمر بهذه الانواع الثلاثة من التحدث مع الذات يوميا واذا قمنا بتكرار هذه الاشارات السلبية للعقل الباطن فإنها ترسخ به وتصبح عادات.
يقول جوته العالم الالماني " اشر الاضرار التي ممكن ان تصيب الانسان هو ظنه السيء بنفسه" ولحسن الحظ فيمكن لكل منا تغيير البرمجة السلبية لاحلال برمجة ايجابية محلها تزودنا بالقوة ويجدر العلم بأن وظيفة العقل الحاضر هو تجميع المعلومات وارسالها الي العقل الباطن ليغذيه بها والعقل الباطن لا يعقل الاشياء فهو يخزن المعلومات التي تدل علي الوقت الحاضر وليس المستقبل ويقوم بتكرارها فيما بعد لا اقل ولا اكثر.
ولذلك هناك خمس قواعد لبرمجة عقلك الباطن:
- ان تكون رسالتك واضحة ومحددة .
- ان تكون ايجابية.
- ان تدل علي الوقت الحاضر؟
- ان يصاحب رسالتك الاحساس القوي بمضمونها حتي يقبلها العقل الباطن ويبرمجها.
- ان تكرر الرسالة عدة مرات الي ان تتبرمج تماما.
الباب الثاني - الاعتقاد:
الاعتقاد هو الاساس الذي نبني علية كل افعالنا وهو اول خطوة في طريق النجاح وهناك حكمة تقول " لكي ننجح فلابد اولا ان نؤمن بأننا نستطيع النجاح وللاعتقاد خمسة اشكال اساسية:
- الاعتقاد الخاص بالذات وهو اقوي انواع الاعتقادات فكيفية اعتقادك في نفسك يمكن ان تزيد من قوتك وتساعدك علي التقدم للامام لبلوغ اهدافك او تكون مدمرة وتبعدك عن اهدافك وتمنعك من احداث أي تغيير.
- الاعتقاد فيما تعنيه الاشياء بالنسبة لنا وتدل علي حالة الشيء وكونه ذو اهمية من عدمه بالنسبة لنا
- الاعتقاد في الاسباب وهو يتناول الدافع وراء أي موقف وما يسببه فقد يري المدخن ان التدخين يشعره بالراحة ولكن عند تحذير الاطباء له بأنه سيسبب له الموت نجده يأخذ خطوات ايجابية لاسلوب حياة صحية جديدة.
- الاعتقاد عن الماضي فما حدث في الماضي سلبيا كان ام ايجابيا يمدنا بحصيلة من التجارب تتمركز في اعتقادك وتؤثر علي سلوكك وتتحكم في تصرفاتك في المستقبل.
- الاعتقاد في المستقبل فيعتقد بعض الناس بمستقبل مشرق ويعتقد اخرون ان المسقبل مظلم.
الباب الثالث - طريقة النظر للاحداث "اساس الامتياز"
قال نوران فينسن بيل " أي حقيقة تواجهنا ليست لها نفس الاهمية كأهمية تصرفنا تجاهها لأن هذه الاخيرة هي التي تحدد نجاحنا أو فشلنا".
وقال كليمنت ستون احد الاقتصاديين الامريكيون "هناك اختلافات بسيطة واخري كبيرة بين الناس فالاختلافات البسيطة هي النظرة تجاه الاشياء اما الاختلافات الكبيرة فهي كونها سلبية او ايجابية ولكي يكون لدينا نظرة سليمة تجاه الاشياء يجب علينا تفادي السلبيات الخمس التالية ( اللوم - المقارنة - العيشة مع الماضي -النقد - ظاهرة الانا).
كما ان هناك مباديء ستة تساعدك علي ان تكون نظرتك للاشياء سليمة ( ابتسم فكما قال مارك توين الكاتب الامريكي فهناك بعض الناس يزينون المكان بحضورهم والبعض الاخر بانصرافهم -خاطب الناس بأسمائهم لان ذلك يجذب انتباههم ويسعدهم- انصت واعط فرصة الكلام للاخرين فاستمع باهتمام لمن يحدثك ولاتقاطعه وقم بتوجيه بعض الاسئلة - تحمل المسئولية الكاملة لاخطائك فهي إحدي الصفات المشتركة بين كل الناجحين- مجاملة الناس فالانسان يتلهف علي تقدير الاخرين له - سامح واطلق سراح الماضي والعواطف السلبية المصاحبة له ولكن مع تذكر ما استوعبته من الدروس حتي يمكنك مواجهة المواقف المشابهة والتصرف بطريقة صحيحة.
الباب الرابع - العواطف:
أي شيء يحدث لنا يكون له تأثير علي احاسيسنا فالاحاسيس تتغير كما يتقلب الجو قال ريتشارد باندلر "يظن بعض الناس ان الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح ولكن العكس هو الصحيح حيث ان النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة "
وللعواطف سببين رئيسين وفقا لفرويد الاول " الحب والرغبة "وهو يرتبط بالمتعه والسرور ويدفع الانسان للتحول تجاه رغباته والثاني " الخوف والفقدان" ويرتبط بالالم ويدفع الانسان للابتعاد عن مصدر الالم فإذا ربطت ذهنك بأفكار سعيدة ستحصل علي احساسات سعيدة والعكس بالعكس ويقدم لنا الكاتب المبادىء الاربعة للسعادة
( الهدؤ النفسي الداخلي - الصحة السليمة والطاقة - الحب والعلاقات - تحقيق الذات).
الباب الخامس السلوك (الطريق للفعل )
السلوك معناه هو التصرف وهو العامل المباشر المتحكم في نجاحنا او فشلنا بمعني انك اذا كنت تحب عملك فسيكون اداءك علي درجة الامتياز واذالم تكن تحب عملك فستكون ضعيف الاداء مصادر السلوك (المؤثرات الخارجية التي نحصل عليها من خلال البرمجة عن طريق الوالدين والبرمجة عن طريق المدرسة وعن طريق الاصدقاء ووسائل الاعلام - التجارب والخبرات
عزة النفس فشعورنا تجاه انفسنا يؤثر علي كل مظهر من مظاهر تصرفاتنا كما قال ناتانييل براندن مؤلف كتاب كيف ترفع من عزة نفسك.
النظرة الذاتية فالصورة التي في ذهنك عن نفسك تؤثرعلي سلوكك وتصرفك - النتائج فكما ان اعتقاداتك عن نفسك تؤثر علي نتائجك فإن النتائج ايضا تضيف الي اعتقاداتك وتؤثر فيها فالمصدران يؤثران علي سلوكك في المستقبل - التفسير الشخصي للمواقف فعندما ندرك أي موقف ونحكم عليه بالسلبية او الايجابية كتفسير شخصي لنا فإننا نميل الي ان يكون سلوكنا طبقا لحكمنا وفي نهاية الكتاب ينصحنا فيقول:
ابدأ من اليوم وعش حياتك باالأمل وتوقع الخير ..حدد اهدافك ..اكتبها..ضع الخطط لتحقيقها .. ضعها في الفعل وكن مؤمنا بها حتي تحققها وكن مستعدا لتقبل التحديات بصبر وكفاح وتقرب الي الله سبحانه وتعالي وستجد أن حياتك امتلأت أكثر بالنور والحب - ساعد الاخرين وتذكرأن سعادتك بين يديك.
واخير تذكر دائما:
عش كل لحظة كأنها أخر لحظة في حياتك..عش بالايمان.. عش بالأمل..عش بالحب..عش بالكفاح..وقدر قيمة الحياة.
التسميات
موارد بشرية