(1) كلمة العدد .. مصر الجديدة والجمارك الجديدة - محمود أبو العلا

لا شك أن الله سبحانه وتعالي قد خلق التغيير عندما خلق البشر، وجعل دوام الحال لذاته العليا فقط دون سواه، فكل شئ هالك إلا وجه الله تعالي، ومنذ أتينا إلي هذه الدنيا نري الناس من حولنا يجيئون ويذهبون،، يرتفعون إلي منابر العز، ثم ينخفضون إلي دهاليز الذل والنسيان، ولكن القليل من الناس من يعتبر ..
حكم مبارك دام ثلاثون عاماً، ولم يدر بخلده ولا بخلد من حوله أنه دوام مؤقت وحكم زائل، الخطيئة الكبري لكل حاكم عندما يظن أنه باقِ وأن التغيير لن ينال منه، والمصيبة الكبري لكل حاكم حين يقوده هذا الإعتقاد الخاطئ إلي أسوأ التصرفات وأبشع القرارات.. فيدخل في زمرة الظالمين سواء كان يدري أو لا يدري.
حين يظن الحاكم أنه مخلد في مكانه، مع أنه هو نفسه يقول في كثير من المواقف أنه سوف يذهب مثلما ذهب من قبله، ولكنها أقوال لا تترجمها أفعال ، حيث كل الأفعال تدل علي أنه ملتصق في هذا الكرسي، ومتلاحم مع هذه السلطة.
ذهب مبارك.. وأتي الدكتور مرسي .. وأحسبه من الصالحين.. فقد قرأت أنه بكي وهو يصلي في بيت الله الحرام والإمام يرتل قول الله تعالي (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ. وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ....- إبراهيم 45) ومن ينفعل بقول الله تعالي ويتعظ به يمكن أن يكون قدوة للناس ويقودهم إلي الإصلاح والصلاح، إن في هذا لإشارة أن الرجل قلبه فيه الكثير من خشية الله ، ومن كان يخاف الله تعالي ويتقيه يجعل الله له مخرجاً، الرئيس الجديد أتي والرئيس القديم ذهب إلي حيث يجب أن يكون ... وهكذا تسير كل أمور الحياة منذ خلق الله البشر، قديم ,, وجديد .. والتغيير هو سنة الله في أرضه..
إننا نسأل الله تعالي أن يستطيع الرئيس الجديد أن يصلح حال البلاد والعباد - إن شاء الله تعالي- لكنه دعاء أكثر من أن يكون أمل أو رجاء، لأن صلاح الحاكم وإصلاحه لا يكون بمبادرة منفردة من الحاكم بقدر ما يكون مردود إلهي وعطاء رباني إلي مجتمع صالح يخشي الله تعالي - كيفما تكونوا يولي عليكم- فإذا أردنا أن يكون الصلاح والخير والإصلاح علي يد " الرئيس مرسي" وجب علينا أن ندعم هذا بصلاحنا وسعينا الدءوب للخير والإصلاح .. لن يستطيع " الرئيس مرسي" أن يقود شعباً إنفلت زمامه وضاعت أخلاقه وساد فيه منطق الغابة ومبادئ القوة، لا تقوم دولة علي القوة ولكن تقوم علي العدل، فالعدل أساس الملك، وهو يبدأ من الحاكم حين يساوي بين الرعية في فرص العمل والثواب والجزاء ، وإذا ما رأت الجماهير ميزان العدل مختلاً في يد الحاكم، سادت الرشوة وتفشت المحسوبية، وسيطرت الواسطة، لكي يحصل أصحاب الحقوق علي حقوقهم.. لقد قال الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هموا ذهبت أخلاقهم ، ذهبوا
ونحن نعاني من ضياع الأخلاق وخراب الذمم وسيادة مبدأ البلطجة والقوة، وهذه أمور لا تأتي بخير، ولا تعين الحاكم علي الإصلاح مهما أخلص فيه، وصدق قول الله تعالي: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد 11
وفي الجمارك .. انتهت جمهورية أحمد سعودي بعد فترة حكم امتدت إلي 54 شهر كاملة (أربع سنوات ونصف) صعد بها إلي المركز الثاني في قائمة أطول فترات رئاسة مصلحة الجمارك المصرية بعد المغفور له الأستاذ/ فتحي سلامة، وإذا كنا لا نقصد أن نقيم عمله خلال هذه الفترة وما أضافه إلي الجمارك المصرية، فإننا نؤكد علي المعني الذي بدأنا به المقال وهو أن الأمور والحياة والسلطة لا تدوم لأحد مهما طال الزمن فيها، وجاء إلي رئاسة الجمارك الخلوق / محمد الصلحاوي ليتولي المسئولية ولو بصفة مؤقتة في مرحلة خطيرة من مراحل العمل الجمركي، فالجمارك تمر بمنعطف تاريخي خطير، مرحلة تشبه انعدام الوزن.. ما بين الرفض الذي يجتاح الكثيرين بسبب كثير من الممارسات التي تمت علي مستوي القيادات ولم يرض عنها هؤلاء الكثيرون، وإنتشار منابر المعارضة في كل أرجاء العمل، حيث البعض منها منطقي وله أسبابه ووجهاته ، والبعض الآخر يقوم الشائعات أو سوء الظن وما إلي ذلك، ورئيس الجمارك مطالب بالإصلاح والتغيير والسير إلي الأمام والعمل لصالح العاملين في الجمارك، ورعاية مصالحهم وزيادة دخلهم، وحمايتهم ودعمهم أمام الجهات الأخري، وقائمة طويلة من الأمور والمطالب الحيوية التي تمثل الحد الأدني من الظروف الطبيعية التي يعمل فيها أي رجل جمارك في أي من دول العالم، ولكن لن يكون هذا من السهل أن يتم، ولن يستطيع رئيس الجمارك الجديد أن يقوم بكل هذا بمفرده ،، بل لابد من مبادرة شاملة تضم جميع العاملين لكي تنطلق منظومة التقدم والإصلاح إلي الأمام..
ولو حسنت النوايا .. صلح العمل..

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال