لعلنا لمسنا في الآونة الأخيرة إختلافاً واضحا في أداء رجل الأمن الجمركي عن سابق عهده، ولعلها الثورة التي أثرت علي توجهاته وسلوكه فأصبح يحمل بين جنباته نوعاً من المسئولية لم يكن ليشعر بمثل وطأتها من قبل.
لذلك آثرنا محاورة السيد الأستاذ / وحيد هيكل رئيس الإدارة المركزية للأمن الجمركي للتعرف علي مستجدات العمل في مجال الأمن الجمركي بالجمارك المصرية ..
س: أستاذ وحيد .... حدثنا عن مفهوم الأمن الجمركي ؟
هو وظيفة من الوظائف الإدارية التي تتفاعل مع النسيج الإداري التنظيمي لمصلحة الجمارك، وهو الدرع الواقي من وقوع الأخطاء، والمقاوم للانحراف الوظيفي، والساعي لتأمين كافة أنشطة مصلحة الجمارك ومنع تعرضها لمخاطر التخريب المادي والمعنوي.
س: كيف ومتى نشأت مفاهيم وآليات الأمن الجمركي ؟
بموجب القرار الجمهوري رقم 26لسنة 1977وتعديله رقم 180 لسنة 1977، تقررإنشاء وحدات للأمن بالوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الحكم المحلى والهيئات العامة والوحدات الإقتصادية والمصالح التابعة لها. تكون ضمن الهيكل التنظيمى والوظيفى للجهة المنشأ بها، وتتبع مباشرة الوزير أو رئيس الجهة، ويكون إنشاؤها بعد إستطلاع رأى المخابرات العامة. وفى عام 1982 صدر قرار وزير المالية رقم (358) الذي بموجبه صدر قرار رئيس مصلحة الجمارك رقم (4) لسنة 1983 بتحديد إختصاصات الأمن الجمركي، وأختتم ذلك بصدر قرار وزير المالية رقم (55) لسنة 2006 بشأن الهيكل التنظيمى لمصلحة الجمارك (المعمول به حاليا) حيث أستحدث هذا الهيكل إدارات جديدة للأمن الجمركى.
س : عرفنا بأهداف الأمن الجمركي ؟
- حماية الأفراد داخل المصلحة ضد أي نشاط هدام بنشر الوعى الأمنى بين العاملين بالمصلحة أو المواقع التابعة لها ومتابعة هذه التعليمات.
- تأمين ووقاية مبانى ومنشآت المصلحة ضد أعمال التخريب المادى والمعنوى والتعطيل المتعمد لسير العمل.
- تامين جميع وسائل الإتصالات السلكية والبريدية.
- ضمان سلامة وكفاءة العمل الجمركى ونزاهة العاملين.
- تأمين سلامة المصلحة ومواقعها التنفيذية والمحافظة على الأسرار الخاصة بها.
س : وما هي مجالات العمل الأمني في الجمارك؟ تنحصر الأنشطة الأمنية بشكل محدد فى :
- أمن الأفراد.
- أمن المنشآت .
- أمن المعلومات ووسائل الاتصال.
س: للأمن الجمركي فى سبيل تحقيق أهدافه خطوط إتصال من داخل المصلحة ومن خارجها فما هى الأجهزة التى تحمل أعباء ومسئوليات الأمن على مستوى الدولة والتى لها علاقة بالأمن الجمركي ؟
بالفعل يتصل الأمن الجمركى فى سبيل تنفيذ مهامه بالعديد من الجهات ذات الطابع الأمنى مثل جهاز المخابرات العامة المصرية، والمخابرات العسكرية، والأمن الوطنى، وهيئة الرقابة الإدارية، وقوات حرس الحدود ، ومصلحة الجوازات والهجرة الجنسية. والتعاون بين هذه الأجهزة يؤكد على مفاهيم الأمن الوقائى.
س: ذكرتم سيادتكم مصطلح الأمن الوقائى، فهل يمكن إيضاح مفهومه وعناصره؟
من المتعارف عليه أن الأمن الوقائى هو فى مجمله مجموعة التدابير التى تتخذها الدولة بواسطة الأجهزة السابق الإشارة إليها للحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين والمنشآت الحيوية والأسرار القومية ضد أى عمليات مضادة. أما فيما يتعلق بعناصر الأمن الوقائى فهو يتمثل فى أمن الأفراد وأمن المنشآت وأمن المعلومات ووسائل الأتصال، ومن الجدير بالذكر أن الأمن الجمركى له خاصية منفردة، فهو يهتم بسلامة الإجراءات الجمركية والتى تشمل العملية الجمركية من البداية إلي النهاية.
س: هل يقتصر الأمن على الطابع المحلي؟
بالطبع لا ... لأن إدارة الأمن الجمركى كما تعمل فى إطار محلى فهى أيضا تعمل فى إطار دولى، فكما يعلم الجميع أن مصر هى إحدى الدول الأعضاء فى منظمة الجمارك العالمية التي تضطلع بالعديد من الفعاليات والمواثيق ومذكرات التفاهم والإنجازات فى مجالات التعريفة الجمركية والتقييم الجمركى وقواعد المنشأ، ومنذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة الأمريكية وما تلاها من إهتمام جميع المنظمات الدولية بالأمن الوقائى، فقد قامت منظمة الجمارك العالمية بعمل مبادرة ( SAFE Package ) والمعروفة بإسم إطار معايير أمن سلسلة تزويد التجارة، والتى أدخلت الأمن الجمركى ومعايير الأمن على مستوى نقل البضائع والركاب فى إطار العالمية، وبالفعل اتجهت الإدارة المركزية للأمن الجمركى بالتوازى مع اتجاهات منظمة الجمارك العالمية لتفعيل معايير إطار أمن سلسلة التزويد التجارية فى مجال التجارة الدولية.
وهذا ليس آخر التعاملات الدولية .. فهناك أيضا منظمات دولية مثل Wipo والتى تهتم بحماية حقوق الملكية الفكرية وغيرها من المنظمات التى تعمل فى مجال مكافحة الغش التجارى وحماية الحياة البرية المعرضة للانقراض والتى تقوم بإمداد الإدارة المركزية للأمن الجمركى بالمعلومات لاتخاذ التدابير اللازمة للمكافحة، وتحقيق الأمن على المستوى المحلي والدولى.
س: من خلال ما تفضلتم بعرضه اتضح الدور الهام والكبير على المستوى المحلى والدولى للأمن الجمركى، فهل هناك علاقة بين الأمن الجمركى ومكافحة التهريب الجمركى ؟
هذا سؤال غاية فى الأهمية .. فالأمن يشمل بمفهومة الواسع سلامة الإجراءات الجمركية التي تتضمن كما ذكرت متابعة العملية الجمركية، ليس فقط من أولها حتى آخرها، وإنما من قبل أن تبدأ الإجراءات الجمركية كما في إطار معايير أمن سلسلة التزويد في التجارة الدولية، بالمساهمة في عمل تقييم أمنى للفاعلين الإقتصاديين المعتمدين.
وكذلك بعد أن تنتهي العملية الجمركية متمثله في المعلومات المرتدة التي يعاد صياغتها واستخدامها في المعايير الأمنية في مجال التجارة الدولية .. ولذلك فالأمن الجمركي يشمل مكافحة التهريب ومكافحة الفساد الإداري وغيرها من الأنشطة المجرمة.
س: حدثنا عن علاقة الأمن الجمركي بثورة 25 يناير وما صاحبها من أحداث الإنفلات الأمني ؟
الأمن الجمركي بقياداته وأفراده من نسيج الشعب المصري الثائر الحر، ولا يمكن تصور أن الأمن الجمركي جسم غريب عن الثورة، فقد كانت الإجراءات التي إتخذها الأمن الجمركي إبان الثورة مواتية للأحداث، وعلى قدر كبير من الإندماج بها، فما كان من قيادات وأفراد الأمن الجمركي إلا أن بذلوا المزيد من الجهد لنشر وعى الأمن لدى العاملين والمتعاملين مع مصلحة الجمارك، للحفاظ على مقدراتها التي هي جزء من مقدرات الوطن الغالي، وفى إطار بذل الجهود تبنت الإدارات التابعة للأمن الجمركي خطة أمنية مكثفة على مدار 24 ساعة وكانت النتائج مبهرة منذ الثورة في 25 يناير حتى نهاية عام 2011، فقد قدمنا الدعم في كافة مجالات العمل الجمركي، وخاصة في مجال صادرات وواردات المواد الغذائية والتموينية اللازمة للشعب المصري.
كما قام رجال الإدارة المركزية للأمن الجمركى بدور الشرطة حين غيابها، وإبان اعتصامات الشرطة حيث حلت محلها كما حدث فى مجمع قرية بضائع القاهرة ومطار القاهرة الدولى، وكان دورها هاماً فى تأمين إيرادات المصلحة واصطحابها لإيداعها في البنك المركزى على مستوى المصلحة كلها.
وكذا تأمين منشآت المصلحة، ولا ننسى ما حدث فى مبنى المجلس المحلى بالإسكندرية وتأثيره على أنشطة المعهد القومي للتدريب الجمركى والدارسين فيه من جميع الجنسيات، وهو الأمرالذى دفعنا إلى زيادة تأمين المنشآت على جميع المستويات بمصلحة الجمارك.
س: ما هي أهم وأحدث الإنجازات التي حققها الأمن الجمركي ... خاصة بعد الثورة ؟
الحديث عن إنجازات الأمن الجمركي يحتاج إلى وقت ومساحة كبيرة جداً ولكن يمكن الحديث عن بعض هذه الإنجازات كما يلي :ـ
- قضية كشوف الإستخلاص والتى تعدت العشرة ملايين جنيهاً، والتي هي محل تحقيق حالياً بمعرفة النيابة العامة.
- ضبط الكثير من الحاويات المتلاعب في مشمولها أثناء الترانزيت.
- الإشتراك فى ضبط الألعاب النارية والسجائر والأدوية المخدرة والمنشطات الجنسية.
- وأخيراً وليس آخراً ضبط خمس سيارات نقل كبيرة محملة بواردات أقمشة وملابس جاهزة مهربة تقدر قيمتها بحوالى ( 20 ) مليون جنيهاً . وهي تلك السيارات التي يراها الزملاء العاملون في جمارك ميناء الإسكندرية أمام مبني الديوان العام كواحدة من أكبر قضايا التهريب بعد الثورة، وأكبر إنجاز في تاريخ الأمن الجمركي.
س: هل نطمع في مزيد من التفاصيل حول هذه الضبطية ؟
فى تمام الثانية والنصف من عصر يوم الخميس الموافق 5 /4 /2012 تلقينا إتصالاً تليفونياً من السيد الأستاذ / وكيل أول الوزارة رئيس مصلحة الجمارك يفيد وجود عدد من سيارات النقل الثقيل محملة ببضائع مهربة غير خالصة الرسوم الجمركية قادمة بالطريق الدولى مطروح - العلمين، وعلى الفور قمنا بتشكيل مجموعة عمل مكونة من ثلاثة من رجال الأمن الجمركى ومعهم عضو من مكافحة التهرب الجمركى وبصحبتهم سيارة مصلحية, توجهت المجموعة إلى الطريق الدولى وقامت بعمل كمين بجوار كمين الشرطة على الطريق الدولى حتى الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً دون جدوى, حيث استشعرت مجموعة الأمن إحتمال تغيير وجهة المهربين وكانت على اتصال دائم معي ومع السيد رئيس الإدارة المركزية لمكافحة التهريب، فتم توجيه فريق العمل للتحرك فى إتجاه طريق الحمام - إسكندرية وتوقفت المجموعة برفقة كمين التأمين الشرطي علي طريق الحمام الإسكندرية المنخفض.
وظلت مجموعة العمل حتى فجر الجمعة فى تلك المنطقة الخطيرة حتى بدأت السيارات المهربة تظهر على الطريق، فبادرت مجموعة العمل بإعترض السيارة الأولى وتحفظت على رخص التسيير والقيادة ومفاتيح السيارة بعد التأكد من كونها محملة ببضائع غير خالصة الرسوم الجمركية، وتم تحرير المحضر الجمركى اللازم وظل العمل على نفس الوتيرة حتى صباح الجمعة ليصل عدد السيارات إلى خمس سيارات، وفى تمام العاشرة صباحاً تم إقتياد السيارات الخمسة إلي ميناء الإسكندرية حيث دخلت من باب ( 27 )، وقد تعرضت مجموعة العمل للعديد من التهديدات بالقتل من أصحاب الشأن الذين طالِبوا السائقين بالهروب إلى الصحراء أو قلب السيارات حتى لا يتمكن فريق العمل من إصطحابها إلى ميناء الإسكندرية البحرى.
وقد تم دعم الفريق بمجموعات من العاملين بالأمن الجمركى من خلال ثلاث سيارات خاصة ضمت منها أربعة من رجال الأمن وذلك لمصاحبة قول المضبوطات حتى الميناء، وقد كلل الله سبحانه وتعالى المأمورية بالنجاح.
س: كيف ترون مستقبل الأمن الجمركي ؟
النظر إلى المستقبل لا ينفصل عن ماضي وحاضر الأمن الجمركى، فما زال أمامنا الكثير من العمل لكي نصل إلي ما نصبوا إلي تحقيقه من أهداف، ولكننا نرتكز في عملنا في المرحلة القادمة علي :ـ
- الإرتقاء بالعنصر البشرى ليكون على المستوى المطلوب في العمل في إطار محلى ودولي كما سبق الإشارة.
- عمل الدراسات اللازمة لاستحداث الميكنة الأمنية لمواكبة التطورات العالمية في مجال التجارة الدولية.
- إستحداث الطرق والأساليب اللازمة لمكافحة الجرائم الجمركية التي تتطور بشكل سريع وهائل.
- عمل الدراسات اللازمة من الناحية الإجرائية والقانونية لمواكبة أحدث التطورات في مجالات الإجراءات الجمركية كما هو الحال في الإتفاقية الدولية لتبسيط وتنظيم الإجراءات الجمركية (كيوتو).
س: هل من كلمة أخيرة تريدون إضافتها ؟
أود أن أوجه كلمة شكر للسادة قيادات مصلحة الجمارك الشرفاء وعلى رأسهم السيد الأستاذ / وكيل أول الوزارة رئيس مصلحة الجمارك الأستاذ/ أحمد فرج سعودى وذلك لدعم سيادته للإدارة المركزية للأمن الجمركى والإشادة بالعاملين بها، كما أتوجه بالشكر لجميع الزملاء العاملين بالإدارة المركزية للأمن الجمركى فى جميع جمارك ومنافذ جمهورية مصر العربية. وأناشد جميع الإعلاميين المصريين الشرفاء بضرورة تبنى سياسة إعلامية مؤداها نشر الوعي الأمني لدى المواطنين لأن جرائم التهرب الجمركي لها تأثيرات سلبية ليس فقط على حصيلة الخزانة العامة، وإنما تمتد آثارها إلى تخريب الاقتصاد المصري، وتهديد الإستثمارات المحلية والأجنبية والأمن القومى المصرى.
كما أطالب جميع المصريين الشرفاء بضرورة التواصل مع الإدارة المركزية للأمن الجمركي عن طريق الإدلاء بأية معلومات تفيد الإدارة فى أداء عملها من خلال الإدارة المركزية للأمن الجمركى بالإسكندرية: - ( مكتب 034848982 - فاكس 034848827 - داخلى 227 ).
التسميات
حوار مع مسئول