يوم عمل ويوم عمل - عاطف سالم

ما نراه فى المجتمع الأمريكى من الصباح إلى المساء يدعو إلى الدهشة من يوم الأحد إلى يوم الجمعة وهو الأسبوع الكامل، والأسبوع الكامل هنا هو الأربعون ساعة التى يعملها المواطن خلال الأسبوع.
حيث يبدأ اليوم من السادسة صباحا.. البعض يبداء بالركض لمدة نصف ساعة، ثم العودة الى المنزل لأخذ حمام، ثم الفطور، ثم الذهاب الى العمل؛ وما أريد التنويه إليه هنا هو الوقت الذى يستغرقه الفرد فى الذهاب إلى العمل؛ فإذا كانت المسافة بين بيتك وبين مكان عملك حوالى  نصف ساعة ستظل دوما هى النصف ساعة إلا إذا كان هناك  زلزال.
 تستيقظ صباحا..عندما تمشى فى الشارع تقابل أشخاصا قد تعرفهم ويعرفونك، بل والبعض الآخر بطبيعة الحال لا يعرفونك ولكن الغريب أن كل من تقع عليه عيناك أو تلقاه وجها لوجه يلقى عليك تحية الصباح.
إذا كنت تذهب الى العمل بسيارة خاصة فكأنك ذاهب الى رحلة حتى ولو كان الطريق مزدحما.. فالزحام منظم.. وكل شئ يسير كالساعة.. وإن كنت ممن يذهبون إلى العمل بالمواصلات العامة.. فصدقنى سيكون العجب أكثر.. 
فإذا كان ميعاد الأتوبيس مثلا فى السادسة والنصف صباحا؛ فما عليك إلا أن تكون أمام المحطة فى السادسة والنصف إلا خمس دقائق، وما قد يثير دهشتك عندما تصعد أولى درجات السلم إلى الأتوبيس.. حيث تفاجىء بالسائق يلقى عليك تحية الصباح، فتدخل إلى داخل الباص لتجد الكل جالسا.. معظم الجالسين فى يده كتاب يقرأ فيه، والبعض الآخر يضع سماعة رأس يسمع شيئا.. المهم أن الجميع مستمتع بالطريق.. ثم تأتى محطة وصولك.. وحينما تستعد لنزول السلم تفاجأ بسائق الباص يتمنى لك نهارا سعيدا.. إذن فإن كنت تقود أو تركب المواصلات العامة فأنت مستمتع، مستمتع بالطريق.. بالمجتمع من حولك.. لست قلقا على الوقت والتأخير.. هادىء منذ أن خرجت من المنزل.
تصل إلى العمل فى تمام الثامنة صباحا، ولضمان حضورك  يتولى الكمبيوتر هذه المهمة سواء عن طريق الـ Scanning  لتصريح الدخول أو عن طريق بصمة اليد أو حتى عن طريق دخولك إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك. 
هكذا يبدأ يوم العمل فى الثامنة ويستمر إلى الثانية عشر ظهرا ليتوقف كل شيىء من جديد لمدة ساعة كاملة.. تستطيع خلال هذه الساعة أن تفعل ما يحلو لك.. فالبعض يذهب إلى ممارسة الرياضة أو تناول وجبة خفية أو الإسترخاء فى أحد الحدائق وقراءة كتاب دون تدخل من أحد حتى رؤساؤك.
 ثم تعاود الدخول مرة أخرى فى تمام الواحدة لتستأنف العمل إلى الخامسة، ثم تخرج بنفس الطريقة التى دخلت بها لتعود إلى بيتك تقريبا مستغرقا نفس الوقت الذى استغرقته فى رحلة المجىء إلى العمل.
دخلت البيت مرتاحا على الرغم من أنك تعمل طوال اليوم وأنك مجهد من العمل؛ بل يتوافر لديك من الطاقة فى بعض الأحيان ما هو كاف لممارسة نشاطات أخرى..وخلاصة القول أن هناك مجتمع من حولك يعمل على راحتك.. بل وتسهيل مهمتك فى آداء عملك أيا كان نوع العمل الذى تقوم به .. فالمنظومة هنا متكاملة .. بل أنها لا تترك لك حتى سببا أو طريقا لتعرقل ما تقوم به من عمل.
ويوووووووووم عمل .......
استيقظت فى الصباح.. الساعة كام.. الله أعلم.. ولبست علشان تروح الشغل.. وركبت سيارتك أو المشروع أو الأستاذ التوك توك... وتبدأ يا معلم المعاناه من اللحظة اللى فيها رجلك بتطلع بره البيت..
المهم  وصلت الشغل تعبان .. الساعة 8.. 9 ..10 .. يا غرقان من الشتا.. يا تعبان.. يا أرفان من السواقه.. يا بصراحة مش عارف فيه أيه... عايز تفطر تبعت تجيب فطار.. أو زمايلك يكونوا جايبين عيش وفلافل وجبنة قديمة أو عيش فى لحمة أو لحمة فى عيش أو حلة كرنب أو حتى رنجة.. تاكل يا حبة عييينى.. ما انت تعبان من المشوار بتاع الشغل... أستنى.. أوعى تنسى الشااااى.. وبعدييين الكلمات المتقاطعة... المهم ما تنساش تبص فى الساعة بقى ..علشان تلحق تروح.. لأن العذاب بتاع الصبح هتشوفه تانى وانت مروح... وبعدين تروح تتغدى وتنام وتقوم تقعد على القهوة اللى عمرها ما بتكون فاضية.. وبعدين تروح تنام متأخر علشان تصحى بدرى تروح الشغل الساعة 8.. 9.. 10.
وللأسف لقد عملت فى المنظومتين.. فأنا نفس الشخص.. عملت فى ظل نظام كامل شامل مريح وصارم فى نفس الوقت، ودفعنى النظام إلى العمل والإنضباط ؛ وأيضا عملت فى النظام الحالى فوجدت نفسى ودون أن أدرى أتحول كى أجارى هذا النظام.
إذن.. فهى المنظومة والسياسة العامة والمناخ العام عندما تتواجد كل هذه العناصر مجتمعة.. صدقونى سوف نكتشف فى أنفسنا ما لم نره من قبل.
وأكيد إن المشكة مش مشكلة أشخاص.. المشكلة مشكلة نظام .. ويمكن يكون فيه نظام على المستوى الفردى أو الإدارات.. لكن تعالى نربط كل ده ببعضه ، علشان تكون هناك مؤسسة .. وبعدين نربط المؤسسات ببعضها علشان تكون هناك دولة.. وما أعرفه رغم خبراتى الضعيفة أنه إذا زرعت فى أفراد موْسساتنا روح العمل الجماعى، ولغة حوار واحدة (هى المصلحة العامة للمؤسسة التى نعمل بها وليست مصالح إدارات أوقطاعات أوإنجازات فردية). سترى إنجازات أخرى هى إنجازات مؤسسة تدخل فى إطار انجازات الدولة.
أتمنى أن أرى خارطة طريق للمؤسسة التى نعمل بها وأيضا هدف إستراتيجى حتى ولو يتقال ان إحنا عايزين نكون كذا فى عام 2040 
أهو ده كان يوم شغل وده يووووم شغل ...
والله بحب بلدى ولما بعدت عنها حبتها أكتر ولما رجعت زعلت أكتر.. عارف لما تزعل من واحد بتحبه..  بيكون زعلك جامد أوى.. وعلشان نكون عادلين..والله ننحنى ونرفع القبعات رغم كل الظروف دى إلى كل من يعمل بجد وبضمير.
وعلى فكرة لما يتغير المناخ فى المستقبل إن شاء الله حينصلح حالنا.. يارب نكون اتعلمنا من اللى فات ويكون اللى جاى أحسن.... 

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال