طاير من الفرحة بس ياخسارة - عبد الناصر عز الدين - العدد 479

مما لا شك فيه أن كل الناس يبحثون فى الدنيا عن الفرح والسعادة.. ويبذلون قصارى جهدهم، فى سبيل تحقيقها.. فيطير الانسان من الفرحة عندما يأتيه مال .. او خبر سار طال انتظاره .. او حدث مبهج شارك فيه غيره.. الخ.. من أفراح الدنيا ..
كلنا كذلك .. مهما طالت علينا لحظات السعادة يستشعر كل منا قصرها.. إما أن تفارقنا أو نفارقها نحن.. فهناك من يطير من الفرحة وهناك من تطير الفرحة منه..
ورغم سعى الإنسان لتحقيق السعادة، تجده ينهل من الدنيا بقدر ما يستطيع، إلا إنه لا يشبع منها.. وإذا شبع لا يرضى.. فتطير الفرحة منه..التى سعى من أجلها.. ألم نتأمل قول الله تعالى (إن الله لا يحب الفرحين)!! فأى الفرح المنهى عنه ؟؟
لا شك ان الله خالقنا ويحب لنا الخير والسعادة، ولا يريد لنا الشقاء ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى )
اذن يحب الله لنا الفرحة.. ولكنها الفرحة الكاملة.. التى لا تطير منا.. فان زالت كانت فرحة مزيفة.. فرحة نتيجة عمل دنيوى زائف .. ينقطع بانقطاع عمل ابن ادم..
فلنتأمل قوله عز وجل (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) الفرح بالعبادات وما تدخره منها .. فالله لا يحب الفرحين بالدنيا .. وبالأشياء الزائلة .. ففرحتك بالمخلوق تختلف كثيرا عن فرحتك بالخالق..
فكم هي فرحتك بالله وقت كل عباده.. وعقب كل خير تفعله.. وكيف تكون راحتك وسعادتك .. ألم يقل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة (ارحنا بها يابلال) .. كم هى فرحتك فى الصبر على المحن.. وفى التغلب على الشدائد.. حينما تستعين بالحبيب جل فى علاه..
أتذكر قول بلال رضى الله عنه حين كان فى قمة العذاب بفرحة (أحد أحد).. فتغلب الفرحة الألم .. ويشعر بلال بالراحة .. بينما تعب وتعذب من كان يعذبه..
أتذكرسيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.. حين ألقاه قومه فى النار.. وأرادوا له العذاب والألم. بينما أراد الله له السلام }قلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ{الأنبياء (69) .
أتذكر أمر الله لسيدنا إبراهيم بذبح سيدنا إسماعيل عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام .. وما فى ظاهرالأمر من عذاب وألم لكليهما.. لكن السعادة فى طاعته جل فى علاه.. فرزقهما السعادة والفرح }وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ{ الصافات (107).. واصبح يوم فرح وسعادة الى يوم الدين..
وحتى لا تطير الفرحة يتعين الا تكون بالمال والولد.. ألا تكون بالجاه والمنصب.. ألا تكون بلذة الانتقام وأخذ الثأر.. ألا تكون بالجور والظلم..
يتعين ان تكون الفرحة بالخالق .. نتبع ما أمرنا به وننتهى عما نهانا عنه.. ففيهما الراحة والأمان .. والخلد والبقاء..
إن الفرحة يبحث عنها الكثير .. بل العالم كله .. كونها فطرة الإنسان الذى يبحث عنها .. ولا يجدها إلا من علم الحقيقة .. }وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ{ العنكبوت (64)
ألم تفرح يوما بشئ .. ثم تمله بعد ذلك.. ألم تفرح بحبك لصديق أو زوج ثم يتغير الحال كونك رأيت منه ما لم تتوقع.. ألم تفرح يوما بمركزا أو وظيفة ثم صارت سببا لتعاستك.. فجميعها متغيرات.. لا تصل بنا الى فرحة حقيقية.. وليراجع كل منا اوقات فرحه فى هذه الدنيا الزائلة.. فهناك من يفرح بمعصية.. لكن يعقبها الخيبة والندامة.. وهناك من يفرح بطاعة.. تزداد وترتفع بالمداومة عليها.. أولئك هم اصحاب الفرحة الكاملة .. فرحة بكرم الله فى الدنيا بطاعته وعبادته .. فرحة بالنجاة برحمته ..الفرحة التى لا تطير منا..
خالص تحياتى

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال