أعزائى القراء
تم إنشاء هذا الباب بإسم الرقابة الجمركية ليكون بمثابة نافذة، نترقب من خلالها ما استحدث من وسائل وأساليب لمكافحة الجريمة الجمركية.. تلك الجريمة التى تطورت فى الأونة الأخيرة تطورا ملحوظا، فى الوقت الذى تشهد فيه الإدارات الجمركية تحديات متعددة نتيجة لما يشهده العالم من إنسياب في حركة التجارة الدولية وزوال الكثير من القيود والحواجز تطبيقا لمبدأ حرية التجارة، وما استتبعه من تحول تدريجى لفئات التعريفة الجمركية نحو الصفرية.. هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى.. فلا يخفى على أحد أن تطور تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وفر مناخا أمنا وأوجد نوعا من الإحتيال الإلكتروني لأفعال التزوير وتغيير الحقائق، ليمثل نمطا أخر يمكن بمقتضاه تهديد النظام الرقابى بصفة عامة والجمركى بصفة خاصة..
فكل هذا الوضع بمستجداته يعد أمرا يتطلب قراءة جديدة للواقع الذي ستؤول إليه الإتجاهات الحديثة في أساليب التهريب وحجمه وأنواعه، والإنتقال به من مرحلة التهريب التقليدي بالوسائل البدائية والذى يهدف إلى مجرد التهرب من الرسوم والضرائب الجمركية، إلى مرحلة التهريب المتقدم الذي يستخدم وسائل التقنية المستحدثة، والذى يهدف إلى إدخال سلع وبضائع ممنوعة أو محظورة أو متعدى عليها فكريا، أو بهدف إتمام عمليات غسل الأموال باعتبارها من الجرائم العابرة للحدود..
وحتى يمكن مواجهة هذا الخطر المتزايد والمتلاحق للنشاط الجمركى، قامت الجمارك المصرية باستحداث بعض الإدارات لتواكب مستويات الرقابة الجمركية ، ونهيب بجميـع الزملاء والزميلات بإثراء هذا الباب بكافة الدراسات والمقترحات المتعلقـة بالرقابـــة الجمركيـــة، ووقائع التهريب الجمــركى التى تم ضبطها، حتى تتحقق الإستفادة المرجوة وتنتقل الخبرات لكافة المهتمين بهذا المجال ..
والله ولى التوفيق
مع تحيات
عبد الناصر عز الدين
مدير عام المكتب الفنى
لرئيس قطاع التخطيط الإستراتيجى
والمبادرات
ez_naser@yahoo.com
مستويات الرقابة الجمركية
تسعى أي منظمة أو مؤسسة أو شركة دائما إلى تحقيق أهدافها والعمل على رفعتها وتقدمها حتى تكون قادرة على منافسة قرائنها ونظائرها في الوسط الذي تعمل فيه، والجمارك كأي منظمة لها أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها، كالحفاظ على موارد الدولة وحماية أراضيها من النفايات الضارة والمواد الملوثة والممنوعات، والمساهمة في تحقيق الأمن وضمان سلامة رعاياها، وهي أهداف جميعها تتعلق بالوظيفة الرقابية المعهودة للإدارات الجمركية؛ ولكن على الجانب الآخر تختص الجمارك بوظائف خدمية متعددة كالمتعلقة بتنظيم إجراءات دخول وخروج البضائع وعبور الأشخاص، وهي في سبيل ذلك تسعى إلى تقديم أفضل الخدمات لجمهور المتعاملين من أجل تشجيع الإستثمار واستقطاب رؤوس الأموال.
ولذلك فإن التيسير التجارى والإحكام الرقابي الجمركي هما من أهداف الإدارات الجمركية في العصر الحديث؛ ولكنهما أمرين يبدو من ظاهرهما شئ من التضاد، فالمغالاة في إحداها يؤثر سلبا على الأخرى، الأمر الذى يتطلب إيجاد نوع من التوازن فيما بينهما. وفي الحقيقة لا يوجد تضاد بينهما إذا توافر جهاز رقابي ذو كفاءة عالية قادر على تحديد مواطن الخطر، فيستهدفها دون التعرض العشوائي والتفتيش النمطي الذي يعيق من حركة التجارة، ومن هنا أصبح تطوير أنظمة العمل في إدارات مكافحة التهريب الجمركي أمرا ملحا، حتى تتمكن الإدارات الجمركية من مواجهة تحديات هذا العصر، وتحقيق إلتزاماتها نحو التيسير التجاري والرقابة الجمركية.
وفى سبيل تحقيق ذلك قامت الجمارك المصرية باستحداث بعض الإدارات لتطوير النظام الرقابى لديها، وجعلته على مستويات ثلاث .. حيث تدور مستويات الرقابة الجمركية وجودا وعدما مع المعلومات التي ترد عن البضائع والسلع التي من خلالها يلجأ معتادي التهريب إلى محاولة إختراق اللوائح والقوانين للتهرب من سداد الرسوم والضرائب، أو لإدخال ممنوعات أو بضائع محظورة أو مقيدة أو غير ذلك من صور التهريب الجمركي المتعارف عليها بالتشريعات الجمركية المختلفة.
والفرض في تلك السلع إنما هو واحد من ثلاث فروض هى، إما أن تكون ما زالت خارج البلاد ولم تصل بعد، وإما أن تكون قد وصلت إلى الموانئ ولم يتم الإفراج عنها، وإما أن تكون قد تم الإفراج عنها إلى داخل البلاد.
ومن هنا تبدو مستويات الرقابة الجمركية واضحة في ثلاث مستويات هما:
المستوى الأول : ما قبل وصول البضاعة:
ويتجلى فيه دور الإستخبارات الجمركية، وأنظمة المخاطر فى توجيه الرقابة نحو الرسائل التى تمثل درجة خطورة مرتفعة.
ومن أمثلتها مراجعة خط الرحلة الخاص بوسائل النقل من أجل تحديد تلك الوسائل التي بدأت رحلتها من دول المصدر أو عبرت ترانزيت منها. كما تشمل مراجعة بيانات الركاب قبل وصول وسيلة النقل بهدف تحديد من قد يمثلون خطورة تهريب كبيرة. ومراجعة قوائم البضائع قبل وصول وسيلة النقل بهدف تحديد البضائع التى يجب أن تخضع لمراجعة أكثر تشدداً عند الوصول.
المستوى الثانى : ما بعد وصول السلعة وعند الإفراج عنها:
ويتجلى فيه دور إدارات المكافحة فى الخطوط الأمامية بقطاع العمليات، وأجهزة الفحص بالأشعة بقطاع الإلتزام التجارى ، حيث تعتمد على تقنيات الترقب عند الوصول وأثناء إنهاء الإجراءات الجمركية.
وفى هذه المرحلة يتم التدقيق في المستندات المقدمة بخصوص دخول وخروج البضائع بهدف تحديد ما يتعلق بخطورة التهريب العالية، كما تشمل التفتيش الذاتي للركاب والمادي للبضائع ووسائل النقل عند منفذ الدخول أو الخروج.
المستوى الثالث: ما بعد الإفراج:
وهى مرحلة أخيرة تكمل ما حدث من خلل أو تقصير فى المرحلتين السابقتين، ويتجلى فيها دور المراجعة المحاسبية اللاحقة، وإدارات المكافحة التابعة لقطاع الالتزام التجارى، حيث تتم فى هذه المرحلة عمليات المراجعة المحاسبية اللاحقة للمستندات التي سبق تقديمها للجمارك عن بضائع تم الإفراج عنها بموجب نظام المخاطر دون كشف أو معاينة، وذلك في مواقع ومكاتب أصحاب الشأن للتأكد من سلامتها، كما تقوم إدارات المكافحة بقطاع الإلتزام التجارى بملاحقة الرسائل والبضائع التى تم تهريبها إلى داخل البلاد بالمخالفة للقوانين والتشريعات السارية.
ويلاحظ أن كل من المستويين الثاني والثالث هما من المستويات الرقابية المعتادة والتي تتعامل مع السلع والبضائع بصفة مباشرة بمجرد كشف النشاط الغير مشروع، أما المستوى الأول والذى يتجلى فيه نظام الإستخبارات الجمركية فهو نوع من الرقابة على النشاط قبل تمامه، ومن هنا تتجلى أهميته وتبرز قيمته، فضلا على كونه مستوى داعم للمستويين الثانى والثالث.. فما هو هذا النظام وما هى الضرورة التى دعت إلى إنشاؤه فى الهيكل التنظيمى للجمارك المصرية، وما الفرق بينه وبين التحريات التى اعتادت الإدارات الجمركية على الإعتماد عليها .. أمور وتساؤلات كثيرة قد نتعرض لها فى أعداد قادمة إن كان فى العمر بقية..
وإلى اللقاء
التسميات
رقابة جمركية