عناية الإسلام بتولية المناصب - حسام على

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من استعمل رجلا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) (رواه الحاكم)
هذا الحديث الشريف يحمل دلالة صريحة وواضحة على أن الإسلام دين ودولة، وعبادة وعمل، يعنى بعدالة الحكم، ويرسى قواعد الأمانة فى تولية المناصب، والقيام بكبار الأعمال. فيوضح الرسول صلى الله عليه وسلم أن من ولى من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا، لا لكفاءته ولا لأمانته.. ولا لتفوقه فى العمل الذى رشحه له, وإنما قلده إياه محاباة لقرابة، أو طمعا فى جمع بطانة معينة من المقربين إليه أو لأنه أهدى له بعض الهدايا أو نحو ذلك من الأمور التى جعلته يؤخر أهل الجدارة والإستحقاق والكفاءة ويقدم غيرهم من الذين يجيدون فن التسلق للمناصب، وينشدون المنافع الخاصة، من قلد مثل هؤلاء فقد خان الله ورسوله والمؤمنون كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وما أقسى عاقبة الخيانة.
وفى قوله صلى الله عليه وسلم (من ولى من أمر المسلمين شيئا) بيان لسائر الأعمال وجميع المناصب, لأن كلمة (شئ) نكرة تعم كل ما يتولاه  الناس من أعمال ومناصب فى الحياة  فى سائر قطاعات المجتمع وشرائحه صغيرة كانت أو كبيرة، والخيانة هنا قرين الظلم, لأن تولية العاجزين وتنحية القادرين من أهل الكفاءة خيانة, وأن المحاباة فى ترقية الأدنى أو تقليده منصبا ليس أهلا له, إنما طواعية لرشوة أو هوى أو قرابة أو جيره أو أو حظوه أو نحو ذلك من الأمور، تعد خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين وظلم بين. والظالمون وعد القرآن بخراب بيوتهم (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون) ومهما جمعوا من مال فى الدنيا فنهايته أليمة وعاقبته وخيمة.
إن من مظاهر الخراب والخيانة والفساد والضياع التى تنذر بالنهاية وتكون فى آخر الزمان أن يوسد الأمر الى غير أهله، فقد جاء رجل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : متى تقوم الساعة؟
فقال له : اذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة.
فقال: وكيف إضاعتها؟
قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) رواه البخارى.
كما حذر الإسلام القائمين على الأعمال من ترك حاجات الناس وإهمال حقوقهم، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من ولى شيئا من أمور المسلمين لم ينظر الله فى حاجته حتى ينظر فى حوائجهم) رواه الطبرانى..
مما سبق يعلمنا الإسلام مبدأ عظيما وضروريا فى الإعتناء بإختيار الناس للمناصب والوظائف العامة, وذلك لأن حسن الإختيار يؤدى إلى نجاح المهمة, وفى نجاح المهمة نجاح للمنظمة أو المؤسسة, ونجاح المؤسسات هو نجاح للدولة ككل.
ولقد إتجه الغرب إلى الأخذ بهذه القواعد الربانية فى إختيار الأشخاص المناسبين فى الوظائف العامة, دون مجاملة لأحد أو محابة لشخص, فالمصلحة العامة عندهم أهم من مصالح الأفراد, ومصلحة الدولة فوق المصالح الشخصية, وإذا كنا نحن فى مصر قد قمنا بثورة عظيمة أردنا بها تغيير الواقع المرير والقضاء على الفساد والنهوض بالدولة المصرية إلى مستوى الدول المتقدمة, فعلينا بهذه الروشتة النبوية العظيمة ففيها الفلاح والنجاح والوصول إلى بر الأمان.
فإن كنا صادقين مع أنفسنا فلنأخذ هذه الأمور مأخذ الجد وإن كنا غير ذلك فلا ننتظر إلا ما كنا فيه.
والله ولى التوفيق


إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال