الضبط الإداري (أهدافه - وسائله) د. محمد أمين

الضبط الإداري (أهدافه - وسائله)

الضبط الادارى

يمثل النشاط الإداري موضوعاً من أهم موضوعات ومجالات القانون الإداري، ويقصد بالنشاط الإداري: "سلوك الإدارة العامة الذي يتمثل في تقديم الخدمات العامة وحماية النظام العام. ويقصد بالضبط – بصفةٍ عامة– التنظيم بهدف المحافظة على أمن وسلامة المجتمع أو الدولة.

ومن ثم فإن الضبط الإداري يمثل أحد المهام الرئيسية للدولة، حيث تتصل وظيفته بالهدف من إنشاء الدولة، ومن هنا كانت الوظيفة الأولى للدولة غداة إنشائها هي الإنتقال بالمجتمع وتحويله من حالة الفوضى إلى حالة الإنتظام، إذ يمثل المجتمع المنظّم ضرورة لا غنى عنها لكل الدول، باعتبار أن توقي الأضرار والجرائم وإنهاء أي اعتداء أو إخلالٍ بنظام المجتمع، من دعائم قيام الدولة.

والهدف من الضبط الإداري، اتسامه بالطابع الوقائي، وهو المحافظة على النظام العام داخل الدولة، وهو بذلك المفهوم يفترق عن مهمّة الضبط القضائي التي تتعلق بالكشف عن الجرائم التي وقعت بالفعل.

وينقسم الضبط الإدارى داخل الدولة إلى ضبطٍ إداري عام وضبطٍ إداري خاص، وتحدّد فكرة النظام العام نطاقي الضبط الإداري العام والخاص، ومن ثم فإن تحديد عناصر هذا النظام تختلف من دولةٍ لأخرى، وإن اتفقت جميعها في أن الحد الأدنى لهذه العناصر وهي: الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة تمثل الضبط الإداري العام.

أما الضبط الإداري الخاص فهو الضبط الذي تنظمه نصوص قانونية أو لائحية خاصة، بقصد الوقاية من الإخلال بزاويةٍ من زوايا النظام العام في ميدان معين، أو بالنسبة لمرفق محدد أو تجاه طائفةٍ بذاتها من الأشخاص، بأساليب أكثر دقة وإحكاماً وأكثر تماشياً وملاءمة لهذه الناحية الخاصة.

أولاً: أهداف الضبط الإداري


تهدف سلطات الضبط الإداري إلى حماية النظام العام، ومنع انتهاكه والإخلال به، وتمارس الإدارة سلطات الضبط الإداري متى وجدت ذلك ضرورياً ولو لم ينص القانون على إجراءٍ معين لمواجهة هذا الانتهاك أو الإخلال، وإلا شاب القرارات الإدارية التي تصدر عنها عيب الانحراف في استعمال السلطة.

والنظام العام فكرة مرنة تختلف باختلاف الزمان والمكان، كما تختلف باختلاف الفلسفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في الدولة. وقد استقر الرأي في الفقه التقليدي على أن مدلول النظام العام يتضمن عناصر (الأمن العام، والصحة العامة، والسكينة العامة):

الأمن العام يعد العنصر الأول من عناصر النظام العام، والأمن العام هو: تحقيق الأمن والاستقرار والنظام، وحماية الأفراد والمواطنين في أنفسهم وأموالهم ضد خطر الجرائم والاعتداءات التي يمكن أن تقع عليهم في الطرق والشوارع والأماكن العامة، وحمايتهم كذلك في مواجهة أخطار الكوارث والأزمات، كالفيضانات والحرائق والعواصف وإنهيارات المباني.

ومنع المظاهرات والتجمّعات التي تخل بالأمن؛ والقيام بالتدابير الأمنية اللازمة لتنظيم بعض المهام التي تمارس على الطريق العام، وإزالة إشغالات الطرق العامة بالطريق الإداري إذا كانت مخلة بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو حركة المرور، كتأمين سلامة قائدي السيارات والمركبات، وتنظيم وقوف السيارات في الأماكن والمواقف المخصصة لذلك.

الصحة العامة:

ويقصد بهذا الهدف للضبط الإداري، العمل على المحافظة على صحة الأفراد والمواطنين، وذلك باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالوقاية من الإصابة بالأمراض بأنواعها، وبالذات الأمراض المعدية والأوبئة، ومنع انتشارها ومكافحة آثارها كجائحة كورونا (كوفيد19).
وقد ازدادت أهمية الصحة العامة في العصر الحالي، نتيجة لازدياد عدد السكان وسهولة انتشار الأمراض، وقد خول المشرع هيئات الضبط الإداري، اتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع انتقال العدوى ومعاقبة المخالفين للوائح الصحية.

السكينة العامة:

ويقصد بهذا الهدف للضبط الإداري منع مظاهر الإزعاج والضوضاء والمضايقات السمعية التي تتجاوز في حدها المضايقات العادية والمألوفة للحياة في الجماعة. وهذا الأمر يتطلب بذل المزيد من جهود السلطة العامة الضبطية كمنع المكبرات الصوتية، وتنظيم أوقات استخدامها لمنع الإزعاج، ومنع صياح الباعة الجائلين، ومنع استخدام آلات التنبيه بالسيارات، وسائر مصادر الضوضاء.

ثانياً: وسائل الضبط الإداري


تستعين سلطات الضبط الإداري بالعديد من الوسائل في ممارسة إختصاصها من أجل تحقيق غرضها في الحفاظ على النظام العام بصوره الثلاث، عن طريق ما تمثّله من سلطة إصدار لوائح الضبط كأسلوبٍ وقائي غايته تنظيم ممارسة الحريات العامة، بغرض الحفاظ على النظام العام في المجتمع. وتتنوع وسائل الضبط الإداري في ظل القانون الإداري من خلال ما يلي:

لوائح الضبط الإداري:

تعتبر لوائح الضبط الإداري من أخطر أنواع اللوائح؛ لأنها تنطوي على تقييد للحريات العامة، كما أنها تنطوي على عقوباتٍ لمن يخالفها، وتعتبر أبرز مظهر لممارسة سلطة الضبط الإداري، فعن طريقها تضع هيئة الضبط الإداري قواعد عامة وموضوعية مجردة تقيد بها وتحدّ بعض أوجه النشاط الفردي من أجل صيانة النظام العام.

القرارات الفردية:

إن القرارات الفردية تمثّل اتصالاً مباشراً بين سلطات الضبط الإداري وبين فردٍ أو أفرادٍ معيّنين، إذ أنها تعد الوسيلة الأكثر شيوعاً في مزاولة النشاط الضبطي؛ إذ نجد أن نشاط الضبط الإداري يتحوّل كله أو يكاد إلى قرارات الضبط الفردية، ويقصد بالقرارات الإدارية الفردية في مجال الضبط الإداري، قيام السلطة الإدارية المختصة بإصدار قرارات تطبيقية للقوانين أو اللوائح الضبطية لفرد معين أو أفراد معينين بذواتهم. وتخضع مثل سائر القرارات الإدارية لرقابة القضاء للتأكد من مشروعيتها.

التنفيذ الجبري المباشر:

يعتبر هذا الأسلوب من أكثر أساليب الضبط الإداري تهديداً لحريات الأفراد واعتداء على حقوقهم, وذلك لقيام هيئة الضبط بعمل مادي يتمثل في استخدام القوة الجبرية لإجبار الأفراد على الإمتثال للوائح والقرارات الإدارية من أجل حماية النظام العام، بهدف تنفيذ قرارات الضبط الإداري حال رفض الأفراد تنفيذها دون اللجوء المسبق للقضاء.

الجزاءات الإدارية:

ويقصد بها: ما تملكه السلطة الإدارية من عقوبات توقعها على من يخالف نصاً من نصوص القوانين واللوائح الضبطية التي تهدف إلى حماية النظام العام. ومن أبرز هذه الجزاءات: الغرامات الإدارية، والغلق والوقف الإداري للمحلات، وسحب رخص القيادة، ومنع مزاولة نشاط أو مهنة معينة...إلخ.

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال