الرملة البيضا ويا محلا الفسحة فى المينا

 

بقلم/ ابراهيم احمد على

مؤرخ بحرى

على الشاطىء الجنوبى الغربى لجزيرة فاروس (سيالة اى جزيرة) عبر الاف السنين تشكلت دكة رملية اطلق عليها منطقة الرملة البيضا ومع تطور واتساع ميناء اسكندرية اصبحت بداخل الحوض بعد بناء حاجز الامواج الكبير1873م ولكى تقترب الصورة للقارىء فأن حاجز الامواج ظهر فى المشاهد الاولى من فيلم ( رصيف نمرة خمسة) بطولة الفنان المصرى الكبير فريد شوقى الذى صور اخطر المشاهد على الحاجز وخلفه تلاطمه الامواج العنيفه , والشىء بالشيء يذكر فالحاجز مكون اغلبه من احجار محاجر المكس ( وتعنى المختلط) واقامته شركة جرينفيلد الانجليزية

كانت الاسكندرية تسكنها جنسيات عديدة واديان مختلفة ,حتى ستينات القرن الماضى  كانت ايام الاجازات خاصة لليهود والمسيحيين يفضل الشباب منهم فى الصيف الاستحمام جهة بلوكات الحاجز وهى منطقة يطلق عليها الرملة البيضا حيث يبحر القارب بالمصطفين من باب 6 جمرك مكدس بالشباب والرجال والنساء الى الرملة البيضا وهنا يلقى القارب(كوتر) المخطاف ويقفز بالبحر من اراد الاستحمام والبعض منهم يتنزه على حاجز الامواج بالسير حتى الفانوس الموضوع على طرف الحاجز لتنبيه السفن والمشهد فى غاية الروعة على جانبى حاجز الامواج فهو فى جانب البحر الامواج شديدة العنف تتلاطم وترفعت بقوة صد بلوكات الحاجز والجانب الاخر مياه هادئة, والاخرون يواصلون السهر حتى اليوم التالى خاصة الطائفة اليهودية بالاسكندرية من السبت الى صباح الاحد حيث الطعام والشراب والاغانى وصوت الجراموفون, وعلى ضوء القمر كانت مداخن السفن وشراع القوارب على مرمى بصر الساهر على الحاجز.وبعض القوارب كانت تبحر الى منطقة العجمى مجتازه البوغاز خاصة فى ايام الاحتفالات الدينية لسيدى العجمى.  وبجوار منطقة الرملة البيضاعلى بعد عشرات الامتار اقام الانجليز نادى الالعاب البحرية ,كان رواده من الطبقة الارسطوقراطية يتجموا به يتناولوا الشاى, ويلعبوا البوكر,و الثرثرة,  وتجاذب حديث الازياء والبعض يمارس رياضة وسباق الكوتر(قارب كبير – التى ركبته كوكب الشرق  أم كلثوم داخل حوض مينا اسكندرية  فى فيلم فاطمة 1946م وغنت (  جمال الدنيا يحلالي وانا وياك وساعه القرب تهنالي ما دمت معاك

يا محلا الفسحه فى المينا وموج البحر حوالينا
يميل بينا على الهينا تهنيني وانا وياك وساعه القرب تهنالي ما دمت معاك
هويت الحسن طول عمري وطيفه كان نديم فكري
يا ريتني كنت من بدري رأيت الحسن دا وياك
شاهدت الدنيا دي وحدي وحبيتها على ادي
لكن مقدراها زاد عندي وحليتلي وانا وياك
يا ريت كل اللى هناني من الدنيا ومناني
تشوفه عينيه من تاني يا نور العين وانا وياك
نعيم قربك سحر عقلبي وخلا البحر يضحك لي
وخلا الطير بيندهلي يغنيلي وانا وياك
 

وهى من كلمات الشاعر الكبير أحمد رامى ( كان يملك شاليه خشبى بشاطئ المكس ولايزال موجود للان)
روارد النوادى البحرية كانوا يبتعدون عن ضجيج وضوضاء المدينة باللجوء الى تلك الاماكن البحرية الساحرة مع رائحة اليود  وصوت هدير الامواج حيث الماء والسماء وبينهم يطير نورس يلتقط الاسماك الصغيرة من سطح المياه الزرقاء ومع الغروب يطير عائد الى مقر اقامته بين زراعات بحيرة مريوط جنوب الاسكندرية (الليدو)

نادى السباحة
وبداخل حوض المينا ايضا كان يوجود نادى اقامه الانجليز وهو نادى للسباحة قديم جدا , ساهم بشكل فعال فى اعداد سباحين ماهرين خاصة من شباب الجالية اليونانية بالاسكندرية
والذين تفوقوا على اعتى السباحيين الاجانب خاصة الانجليز سباحى المانش.

الفسحة بالقوارب ( الكوتر)
كان الشباب السكندرى (ارمن _ اجريج_ طليانى---- يتوجهوا للمينا ايام الاجازات(سبت- احد) لينطلقوا متزاحمين الساعة الخامسة بعد الظهر من رصيف باب 6حيث مرسى قوارب النزهة مستقلين كوتر تنطلق منه الاغانى والكل بالزاد والزواد فى فسحة بالمينا جسدتها لنا كوكب الشرق مع انور وجدى بالدراما المصرية – ومع حركة الامواج وميل الكوتر على سطح الميه تتلامس الاكتاف وتترابط الايادى
لشباب الرحلة وفى انتظار ستارة غروب الشمس بفارغ الصبر تكتب على الدكك الخشبية داخل الكوتر  اجمل قصص الغرام مولودة بحوض الذكريات حوض مينا اسكندرية ونعاود الغناء لنردد غنوة الشاعر احمد رامى يامحلا الفسحة فى المينا وموج البحر حوالينا وساعة القرب تهنالى مادمت معاك.

الجدير بالذكر ان منطقة الرملة البيضا كانت مفضلة لدى الملك فاروق وصديقه جلال الدين بك علوبة اخر ربان لليخت الملكى محروسة والذى ابحر بالملك من حوض مينا اسكندرية بالقرب من الرملة البيضا الى منفاه بأيطاليا
الساعة السادسة ونصف يوم السبت 26 يوليو 1952م – وقد خصصت منطقة الرملة البيضا بعد هذا التاريخ كامقبرة للسفن المخردة ونقلت النوادى البحرية الى الميناء الشرقية (السلسلة- القلعة).

كوتر الحديدى يبحر بأنور وجدى وأم كلثوم 1946 داخل حوض مينا اسكندرية

 

 

حاجز امواج مينا اسكندرية