لا أنكر إعجابي الشديد بالمقال الذي قرأته في صدر النشرة التي صدرت عن منظمة الجمارك العالمية والذي كتبه السيد / كورنيو ميكوريا - الأمين العام لمنظمة الجمارك العالمية متناولاً أفكاره الخاصة بتسهيل التجارة, هذا الموضوع الذي -علي حد تعبيره - أصبح علي دراية واسعة به نتيجة تجاربه الجمركية الدوليةً للعديد من السنوات، والتي أدت إلي استخدامه منهج متوازن لتسهيل ومراقبة التجار.
يقول السيد / ميكوريا أن مصطلح تسهيل التجارة يفهمه البعض أحيانا خطأ علي أنه فقط السرعة في التخليص على البضائع, بغض النظر عن الحصيلة و غيرها من التعقيدات, والتي تعود بالنفع علي القطاع الخاص, ولكنه في الحقيقة يفضل وصف تسهيل التجارة بعبارة "فاعلية التجارة", ليدلل علي أن الهدف من المفاوضات الخاصة بتسهيل التجارة ينبغي أن يتضمن إنجاز الأهداف العامة للرقابة الجمركية, مثل تحصيل الرسوم, وتأمين وحماية المجتمع باستخدام أساليب فعالة, وبذلك يتم تسهيل التجارة بشكل منطقي صحيح .
فمازال البعض للأسف يعتقد أن فكرة تفتيش كل الشحنات الواردة ( التفتيش بنسبة 100% ) - حتى مع الالتزام التام من قبل المستوردين بإتمام كافة الإجراءات بصورة صحيحة - يعد طريقة فعالة وجيدة، وأن عدم القيام بالمعاينة الفعلية لكل البضائع الواردة سوف يؤدي إلي نقص كبير في الحصيلة ، إن مثل هذه الممارسات تضيف تكاليفا لا حاجة لها للصفقات , وتعتبر غير مفيدة في الوصول إلي الأهداف التي تسعي الإدارات الجمركية والمؤسسات التجارية والمنظمات الدولية إلي تنفيذها وتحقيقها ..بل إن هناك طرقا وأنظمة حديثة يمكن أن تؤدي إلي نتائج أفضل بكثير من تلك الممارسات التقليدية ، فإدارة المخاطر مدعومة باستخدام التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تلعب دوراً هاماً في تفعيل مبادئ اتفاقية كيوتو المعدلة.
إن نظام أو منظومة إدارة المخاطر تقوم علي فرضية أن الإدارة الجمركية علي دراية جيدة بالتجار والمتعاملين ، وهذه الدراية تتكون لدي الجمارك من خلال الصفقات اليومية, والتحقيقات والحوار, وتستطيع الجمارك متي تأكدت من إلزام التجار الطوعي أن تجعلهم بسهولة شركاء في إنجاز المهام وتحقيق الأهداف. وذلك مفهوم مبدأ ( الوكلاء المعتمدون )، وهو المفهوم الوارد في اتفاقية كيوتو المعدلة والذي بنص علي تبسيط الإجراءات لتقليل شكوى التجار في إطار معايير SAFE ، إن مفهوم الوكلاء المعتمدون تطور أيضاً ليصبح " المشغل الاقتصادي المسئولAEO" في إطار سلسة تأمين وتسهيل التجارة الدولية.
إن شراكة الجمارك والمجتمع التجاري واحدة من اللبنات الأساسية للرؤية الإستراتيجية لجمارك القرن الواحد والعشرين، وتشمل بالطبع المشغل الاقتصادي المسئول, ولكنه لا يقتصر فقط علي هذا البرنامج ، بل يتضمن العديد من اللبنات الهامة والأساسية لكي تكون الجمارك بحق ( جمارك القرن الواحد والعشرين ) ، فمفهوم المشغل الاقتصادي المسئول يعمل علي تحسين القدرة التنافسية الوطنية في المدى المتوسط و المدى البعيد, بينما يلعب استخدام منهج التخطيط خطوة بخطوة , مدعوماً بتطوير الجمارك الدور الأهم في موائمة الجمارك لتواكب مسئوليات وأنماط القرن الواحد والعشرين .
وهناك سؤال عادة ما يتبادر للقادة السياسيين حول أفضل وسيلة لتحسين التصنيف العالمي لكفاءة الإجراءات الجمركية الحدودية؟
ويري السيد ميكوريا أن التسهيلات التجارية دائماً ما تعزز مناخ الاستثمار، لذا ينصح بأن يتم دراسة زمن الإفراج كمؤشر للأداء يعكس بوضوح العقبات والحلول الممكنة، ولا يقتصر هذا المعيار فقط علي زمن الإفراج الجمركي ، بل أيضاً على ما تستغرقه الجهات التي تؤثر علي عملية الإفراج عن البضائع من وقت.
هذا بالإضافة إلي التعاون ما بين مجتمع الأعمال والحكومات للارتقاء بالتجارة وتنمية الاستثمار والأعمال، لتحديث دليل دراسة زمن الإفراج الصادر من منظمة الجمارك العالمية، أو البحث عن سبل أكثر ملائمة, والتأكيد علي طرح مسألة الممرات الدولية والتي توفر توصيل التجارة للبلدان غير الساحلية.
وبديهي انه عندما يكون هناك اعتراف بدور الجهات الرقابية الأخرى علي الحدود، فمن الضروري تعزيز التنسيق بينها وبين الجمارك لتحقيق أقصى قدر من تيسير التجارة من خلال نموذج النافذة الواحدة، إلا أن هذا قد يقابل بفهم خاطئ لهذه النافذة على أنها محاولة من الجمارك لكسب مزيد من السلطات، وهو ما يحتاج من الجمارك إلي إيضاح أنها توفر خدمات الدعم للجهات الرقابية الأخرى بوصف إنها سلطة رسمية في الدولة ، وبالتالي لا بد من تقديم الدعم للجمارك لمصلحة البلد ككل .
التسميات
مقالات