الصراع فى تشريعات الإستثمار لمصلحة من - ابراهيم عرفان


دعونا نتفق قبل الخوض فى موضوع العنوان ان الاستثمار بشقيه المحلى منه والأجنبى هو قاطرة التقدم الاقتصادى لأى دولة من دول العالم . فهو مفتاح لخلق فرص العمل وعلاج مشكلات التضخم وخلق حالات الانتعاش كما أنه يسهم بشكل مباشر فى زيادة حجم الصادرات بما ينعكس على الميزان التجارى وتوفير العملات وغيره الكثير من العوائد الاقتصادية التى لايختلف عليها إثنان من الإقتصادين . ولعل من أبرز العوامل التى تجذب الإستثمارات هو الاستقرار السياسى واستقرار تشريعات الدول ولا سيما مايتعلق منها بالإستثمار فهى عنوان ومحل دراسة أى مستثمر قبل إتخاذ أى قرار بالدخول بأمواله هذه الدولة أوتلك .
وقد تلجأ بعض الدول فى سبيل جذب المزيد من الإستثمارات الى أجراء بعض التعديلات أو الإضافات على تشريعاتها الإستثمارية لمخاطبة العالم الإقتصادى على أن يسبق هذه التعديلات أو الإضافات دراسة متخصصة ومستفيضة وخاصة ممن لهم دراية كافية فى هذا الحقل أو أخذ رؤية من سيطبقون هذا التعديل ومن سينطبق عليهم , وهذا أمر فى غاية الأهمية والخطورة لكى نضمن إيجابية هذا التعديل من عدمه أو أنه سيعكس بأثر سلبى على منظومة الإستثمار . 
وسوف يقتصر حديثى هنا عن قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 17الصادر فى مارس 2015والمعدل للقانون 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات وحوافز الإستثمارو تحديدا مايخص المناطق الحرة بصفة عامة ثم نتعرض لما ورد باللإئحة التنفيذية لهذا القانون .
الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون 8 لسنة 1997 قبل التعديل بالقانون 17 لسنة 2015 
( مع مراعاة الأحكام التى تقررها القوانين واللوائح بشأن منع تداول بعض البضائع أو المواد , لاتخضع البضائع التى تصدرها مشروعات المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو تستوردها لمزاولة نشاطها للقواعد الخاصة بالاستيراد والتصدير ولا للإجراءات الجمركية الخاصة بالصادرات والواردات , كما لاتخضع للضرائب الجمركية والضريبة العامة على المبيعات وغيرها من الضرائب والرسوم . )
الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون 8 لسنة 1997 بعد التعديل بالقانون 17 لسنة 2015 
( مع مراعاة أحكام الفقرة الرابعة من المادة 29 من هذا القانون , والأحكام التى تقررها القوانين واللوائح بشأن منع تداول بعض البضائع أو المواد , لاتخضع البضائع التى تصدرها مشروعات المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو التى تستوردها من خارج البلاد لمزاولة نشاطها للقواعد الخاصة بالاستيراد والتصدير ولا للإجراءات الجمركية الخاصة بالصادرات والواردات , كما لا تخضع للضرائب الجمركية والضريبة العامة على المبيعات وغيرها من الضرائب والرسوم . )
والمتفحص الجيد للمقارنة مع إرجاء الحديث عن أحكام الفقرة الرابعة من المادة 29 لما سيرد بعد يجد الأتى : -
العبارة قبل التعديل - لاتخضع البضائع التى تصدرها مشروعات المنطقة الحرة الى خارج البلاد أوتستوردها لمزاولة نشاطها ......الخ -
العبارة بعد التعديل - لاتخضع البضائع التى تصدرها مشروعات المنطقة الحرة إلى خارج البلاد أو التى تستوردها من خارج البلاد لمزاولة نشاطها ....الخ -
وهنا يكمن صراع المجتمع التجارى فى مصر مؤثرا على صياغات القانون من إضافة لفظ من خارج البلاد عقب تستوردها . فالمنطقة الحرة تستورد من خارج البلاد ومن داخل البلاد وإضافة هذا اللفظ يعنى أن الإعفاء من قواعد الاستيراد والتصدير والضرائب وغيرها من الرسوم أصبح قاصرا فقط على ماتستورده المناطق الحرة من خارج البلاد والعكس على ماتستورده من داخل البلاد . إن ماحدث هذا هو سباحة ضد مصلحة الوطن العليا . فمن منا لايريد تشجيع دخول الخامات الوطنية واحتياجات المناطق الحرة من داخل البلاد ؟ ومن منا يريد أن يُشجع المناطق الحرة على الإستيراد من الخارج والإستغناء عن خامات بلاده ؟ . ومن منا يريد أن يضع العراقيل أمام الورش الصغيرة والمصانع المصرية بالسوق المحلى من أن تُمد المناطق الحرة باحتياجاتها ؟ إننى أعلن وبكل شفافية هناك من يريد ..!!! .
ولكى يكون حديثى أكثر تفصيلا لمن لايعمل فى مجال المناطق الحرة أو القارئ العادى بمثال بسيط يصل للأذهان سريعا . 
أحدى شركات المناطق الحرة تعتمد فى إنتاجها على جلب خامة خردة النحاس من السوق المحلى لتصنيع منتج معين داخل المنطقة الحرة ثم تقوم بتصديره إلى خارج البلاد . والتعليق هنا قبل التعديل كانت هناك قرارات من وزارة التجارة استنادا الى النص تعفى هذه الخامات من سداد رسم الصادر والذى يصل الى مايقرب من 7500 جنيها مصريا على الطن . 
وبعد التعديل أصبحت هذه الشركة أمام أحد أمرين إما أن تدفع 7500 على طن خردة النحاس لمجرد جلبه من داخل البلاد أو الخيار الأخر استيراده من الخارج والتمتع بالإعفاء المقرر . وهنا سؤال أخر ماذا سيكون عليه سعر التصدير إذا إستخدم الخامات المحلية ؟ 
أيها الجراح التشريعى مهلاً عند إستخدامك مشرطك وحتى لاتقطع فى أعصاب إقتصادنا الذى يعانى من زيادة الاستيراد وإهدار قيمة الجنيه المصرى أمام سائر العملات . ياسيدى هل نشجع على الإستيراد من إسرائيل على حساب الخامات الوطنية ؟ 
إن من يتصور أنه لمجرد دخول الخامات المحلية إلى المنطقة الحرة بشهادة صادر جمركية هو تصدير فعلى فهو تصور خاطئ والدليل أن قيمة هذه الخامات لاتدخل فى احصائيات الصادر إلى خارج البلاد مالم تدخل فى صناعة داخل المنطقة الحرة .  
إن التوجه العام للدولة وعلى رأسها رئيس الدولة هو تشجيع الصناعة الوطنية وليس هدم الصناعة الوطنية . 
فقد يكون هناك موقف ما تجاه إحدى الشركات العاملة بنظام المناطق الحرة ناتجة عن صراعات تجارية فهل من العقل أن نطلق الرصاص على الجميع . 
وأنتقل بكم إلى الطامة الكبرى , فبعد أن قامت الدنيا وانتشرت الأزمة وتحملها رجال جمارك المناطق الحرة وعلى رأسهم الدكتور مجدى عبد العزيز الذى لايستطيع أحد أن يُزايد على وطنيته وتصدرت المشكلة الى الجمارك لأنها دائما تدفع ضريبة تطبيق القوانين التى لاذنب لها ارتكبته سوى التطبيق . والطامة هى صدور اللائحة التنفيذية لقانون الإستثمار بالقرار رقم 1820 لسنة 2015 من السيد رئيس الوزراء أنذاك وتحديدا الفقرة الأخيرة من المادة 56 والتى تنص على ( فى جميع الأحوال لاتخضع احتياجات المناطق الحرة من السوق المحلى للقواعد الخاصة للإستيراد والتصدير ) .
وهنا ظهرت خلافات داخل الوسط القانونى هل هناك تعارض بين القانون واللائحة . فالقانون قد منع ضمنيا واللائحة أعفت صراحة ولمن يستمع رجال الجمارك هل لوزارة التجارة التى سارعت وأخطرت بتطبيق القانون لحين تدارك خطأ اللائحة  ؟ أم تقف حائلا أمام المستثمرين ووزارة الإستثمار واللذان يطالبان بتطبيق اللائحة ؟ أليــــــــــــــــس هــــــــــذا صراعا ياسادة  ولمصلحة من ؟ وهل استيقظ الجراحين بعد ثُبات عميق؟ ولا يزال الصراع قائما ولا ندرى متى سوف ينتهى ونسمع كل يوم أن وزارة الإستثمار فى سبيلها لتقديم مشروع تعديل لبعض من نصوص القانون وتحديدا المادة 32 منه لتعود كما كانت وأدعوا الله أن يلهمهم الصواب وأن يجنبنا وإياهم صراع المصالح ولا تعلو مصلحة فوق مصلحة مصرنا الغالية . الله أمين
وشهادة لله وللتاريخ بعيداٌ عن أى مواربة أو ذرة نفاق لأن هذا الحديت قد تقرأه أجيال من بعدنا فقد بذل الدكتور مجدى عبد العزيز رئيس مصلحة الجمارك جهدا مضنيا من أجل إنتزاع  دورا للرقابة الجمركية والضريبية على المناطق الحرة والتى ظهرت فى الفقرة الرابعة من المادة 29 من قانون الإستثمار والتى نصت على ( مع عدم الإخلال بالإعفاءات الجمركية والضريبية المقررة للمشروعات المقامة بالمناطق الحرة , تخضع كافة المشروعات التى تستثمر بنظام المناطق الحرة للرقابة الجمركية والضريبية )
وذلك يمثل نجاحا كبيرا بعد تجاهل كبير لدور الجمارك فى المناطق الحرة سواء من الناحية الرقابية أو عند الإنشاء من حيث تحديد الموقع والأبعاد والأسوار وإشراك رجال الضرائب فى العملية الرقابية الى جانب الزملاء من الضرائب العامة وخاصة المبيعات . 
وفى النهاية فإننى إستعرضت جزء من كثير والوطنية لاتكتسب من فراغ إنما هى نتاج عمل وجهد يجب أن يبذله الجميع وأن نتعظ مما حدث ولاتتكرر هذه المأساة فمصر ملك للجميع وليست مللك لصراع ضد أو مع أحد ومن أجل ذلك يبعث الرئيس عبد الفتاح السيسي فى نهاية كل خطاب برسالة لكل من يعيها وهى ( تحيا مصر - تحيا مصر - تحيا مصر ) وأنا أقولها بملئ فمى ومن صميم قلبـــــــــــــــى تحيا مصر فوق كل صراع.

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال