دور الجمارك فى حماية حقوق الملكية الفكرية - محسن أمين


تواجه الجمارك اليوم العديد من التغيرات سواء فى بيئة العمل الداخلية و بيئة العمل المحلية أو بيئة العمل الدولية وتمتلك هذه التغيرات القدرة على إحداث العديد والعديد من الضغوط على الجمارك لإحداث التغييرات اللازمة  لمواكبة هذه التغيرات والتى تعتبر بحق تحديات وليست تغيرات فقط .
وتعتبر الموارد البشرية ( أو كما يذهب إليه بعض الساده المتخصصون فى مجالات الموارد البشرية بأن يقولوا رأس المال البشرى ) من أهم الموارد المتاحة للجمارك إن لم تكن هى أهم ما تمتلك الجمارك من موارد وهى التى تحقق من خلالها الجمارك الميزات التنافسية على المستوى الإقليمى والدولى .
  ولاتقوم الموارد البشرية بتحقيق تلك الميزات التنافسية إلا إذا تمتعت بالقدر المناسب من الكفاءة والفاعلية و المهارة والقدرة و المعرفة والإلتزام.   ومن أهم التغيرات الجديدة التى تواجها الجمارك اليوم هى  رأس المال الفكري الذى يعتبر اليوم أثمن الموجودات (الأصول) بالنسبة للكثير من المنظمات سواء المحلية أو العالمية بل  ويشكل قوة الدفع لعجلة النمو الاقتصادي في الزمن الحالى أو فى المستقبل القريب أو البعيد. 

ويتكون رأس المال الفكري من الاختراعات الفنية والدراية (know-how) والأسرار التجارية والعلامات التجارية والتصاميم والابتكارات الأدبية والفنية وعدة أشكال أخرى من الملكية الفكرية والموجودات اللامادية من نتاج الاختراع والابتكار.   
ولا شك أنه من مصلحة إقتصاديات الدول والمجتمعات  توفير الحماية الكافية والفعالة لحقوق الملكية الفكرية وإنفاذها، مع المحافظة على توازن عادل بين مصالح مختلف الأطراف المعنية. وعلاوة على ذلك فإن قوانين الملكية الفكرية المعاصرة تعترف بالحاجة إلى حدود مشروعة وذلك من أجل المحافظة على التوازن السياسي والاقتصادي في المجتمع. 
وتعد الملكية الفكرية جوهر الموضوع بالنسبة للمصالح التجارية والسياسية الهامة، وعليه فلا بد من فهم مختلف جوانبها.  والغرض من هذه المقالات  المتواضعة  هو تزويد المتلقى بفهم أعمق لقضايا وثيقة الصلة بالملكية الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالنظام الجمركى الدولى و المحلى.  ويشهد نظام الملكية الفكرية عملية تطور متواصلة على أساس المنتجات الفكرية والشبكات العالمية، في حين يتوجب عليه الاستجابة لهموم المجتمع في مختلف المجالات. 

ما هى الملكية الفكرية ؟

الملكية الفكرية هي إبتكار فكري يمتلكه فرد أو مؤسسة، ويعود للمبتكر بعد ذلك الاختيار بين تشارك هذا الابتكار بحرية مع الآخرين أو ضبط وتنظيم استخدامه بأساليب معينة.
وتكاد الملكية الفكرية أن تكون موجودة في كل مكان -  فهي موجودة في المصنفات الابداعية مثل الكتب والأفلام والأسـطوانات والموسيقى وبرمجيات الحاسب،كما تتمثل في السلع الاستهلاكية مثل السيارات وأجهزة الحاسب والأدوية ومختلف أنواع المعامل التي تم التوصل إلى إنشائها بفضل التقدم العلمي والتقني.  ويندرج ضمن نطاق الملكية الفكرية الصفات المميزة، مثل المسميات التجارية والتصاميم، التي نعتمد  عليها في اختيار ما نود شراؤه من المنتجات. و ترتبط حقوق معينة بمنشـأ المنتج. إن الكثير مما نطلع عليه أو نستخدمه على شبكة الانترنت، سواء أكان صفحة من صفحات الانترنت أو اسم موقع يتضمن كذلك ملكية فكرية أو يمثل نوعا من أنواعها.  

لماذا تخضع الملكية الفكرية للحماية ومن المستفيد من ذلك؟   

يمكن من خلال نظام حقوق الملكية الفكرية أن ننسب أي ابتكار أو اختراع إلى الشخص المخترع أو المنتج، ثم يمكن نتيجة لذلك ضمان ملكية المبتكر أو المنتج لذلك الابتكار والاستفادة منه تجارياً.  ويعترف المجتمع، من خلال حماية الملكية الفكرية، بالمنافع التي تنتج عن تلك الحماية مما يوفر الحافز الذي يحمل الناس على استثمار الوقت والموارد في تشجيع الابتكار ونشـر المعرفة.
ويجب أن ننوه هنا أنه قد تم تصميم نظام الملكية الفكرية بشكل يعود بالفائدة على المجتمع ككل ويضمن التوازن بين احتياجات المخترع والمستهلك. وتتيح حقوق الملكية الفكرية لأصحابها ضبط استخدام مصنفاتهم لمدة محددة من الوقت. ومقابل منح مثل هذه الحقوق يستفيد المجتمع بعدة طرق:
ويساهم نظام الملكية الفكرية في المجتمع من خلال:
* المحافظة على المنافسة العادلة وتشجيع إنتاج العديد من السلع العالية الجودة وتوفير الخدمات الجيدة 
* تعزيز النمو الاقتصادي والتوظيف.
* دعم الابتكار والاختراع .
* تشجيع التقدم التقني والثقافي.
* إثراء المعرفة والثقافة لدى المجتمع.
قد يضطر المبتكرون وأصحاب المشاريع الابتكارية، عندما لا تتوفر الحماية الكافية لحقوق الملكية الفكرية الضرورية أو يصعب تطبيقها، إلى الاعتماد أكثر فأكثر على وسائل أخرى لحماية أنفسهم من التنافس غير المشروع كاللجوء إلى الأسرار التجارية أو العقود أو وسائل تقنية أخرى لمنع التقليد.  

كيف تتم حماية الملكية الفكرية؟

تتم حماية الملكية الفكرية عادة عن طريق منح مخترع مصنف ما حقوقاً حصرية لاستغلال مصنفه استغلالاً تجارياً لمدة محدودة من الزمن. ويحق لأصحاب هذه الحقوق أيضاً بيعها أو ترخيصها أو التصرف بها بطرق أخرى. وتمنح حقوق الملكية الفكرية وفقاً للقوانين المحلية النافذة في كل بلد أو إقليم. وعلاوة على ذلك فإن الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الملكية الفكرية تنظم العلاقة بين القوانين والإجراءات أو تسمح بتسجيل حقوق الملكية الفكرية في عدة دول في وقت واحد. وتتم حماية مختلف أنواع الملكية الفكرية، كالإبداعات الأدبية والفنية والاختراعات والعلامات التجارية والرسومات، على سبيل المثال لا الحصر، بطرق مختلفة: 
* تتم عادة حماية الإبداعات في المجالات الأدبية والفنية، كالكتب واللوحات والموسيقى والأفلام والأسطوانات وبرامج الحاسوب، بواسطة حقوق التأليف أو ما يعرف بالحقوق ذات الصلة.
* تتم حماية الاختراعات التقنية عادة بواسطة البراءات
* بالإمكان حماية الصفات المميزة، كالكلمات والرموز والروائح والألوان والأشكال، التي تميز مصنف أو خدمة ما عن غيرهما، بواسطة حقوق العلامة التجارية.
* تنطبق حماية الرسومات والتصاميم على المظاهر الخارجية المعينة التي تتسم بها السلع، مثل الأثاث وقطع أجسام السيارات وأدوات المائدة والمجوهرات . 
* تعتبر المؤشرات الجغرافية والأسرار التجارية كذلك أنواعاً من الملكية الفكرية وتوفر لها معظم الدول أنواعا معينة من الحماية القانونية.
* تساعد أحكام منع التنافس غير المشروع في المجال التجاري أيضاً على حماية الأسرار التجارية وأنواع أخرى من الملكية الفكرية.
* تتوفر في بعض الدول حماية قانونية معينة للأصناف النباتية والدوائر المتكاملة وقواعد البيانات. وقد ساعدت هذه الحماية في تشجيع إيجاد مجالات متنوعة من الأعمال.   
وبالإمكان حماية نفس المنتج بواسطة أكثر من نوع من أنواع حقوق الملكية الفكرية في عدة دول في نفس الوقت.
والى اللقاء فى المقالة الثانية بأمر الله تعالى .

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال