البيئة من منظور إسلامي
خلق الله تعالى الأرض وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها وجعلها صالحة لحياة الإنسان وغيره من الكائنات الكثيرة التي تشاركه الحياة فيها، ولقد شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يجعل من الأرض في هذا الكون محور الحياة الإنسانية، فالكون بما يحويه من بحار ومحيطات وزروع وحيوان مسخر لخدمة الإنسان بما يستوجب عليه الحمد والشكر لنعم الله تعالى.ورغم ذلك جنح الإنسان إلى إفساد خلق الله والعبث بمنظومة البيئة، فقد أدّى تدخله السافر إلى تغيير عناصر التربة، وتلويث المياه في البحار والأنهار، وتلويث الهواء بأدخنةٍ وغازات سامة استطالت آثارها حتى وصلت إلى طبقة الأوزون في الجو، حيث أصبحت حياة الإنسان وسائر المخلوقات مهددة بخطر الدمار والفناء.
وللبيئة في الشريعة الإسلامية شأنٌ عظيم، حيث جاءت جميع تعاليم الإسلام المتصلة بها تحميها ولا تفنيها، وتصونها ولا تدمرها، وتصلحها ولا تفسدها، وتقيها من كل اعتداءٍ عليها أو إهمالٍ لها أو مساسٍ بها، حيث يحفل القرآن الكريم بالكثير من الآيات التي تؤكد على أن الله وحده هو خالق البيئة ومنظّمها، وهو الذي وضع النواميس التي تكفل حفظ التوازن البيئي.
فالبيئة في إطار المفهوم الإسلامي جميلة تتسم بالروعة والإبداع الدال على عظمة الخالق وجميل صنعه، كما أنها في طبيعتها بيئة نظيفة خالية من التلوث، وقادرة على استهلاك مخلفاتها والتخلّص منها.
فكل شيءٍ خلق بمقدارٍ بحسب تقديره وإرادته سبحانه وتعالى، هذا القدر أو المقدار هو الذي يكفل لأي مكوّنٍ أو عنصرٍ من عناصر البيئة أن يؤدي دوره المحدّد والمرسوم له في صنع الحياة في توافقيةٍ انسجامية غايةٍ في الدقة.
وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون الإنسان خليفته في الأرض، ووصيه على البيئة، ومقتضى هذه الخلافة وهذه الوصاية أن يتعامل الإنسان مع البيئة من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها حتى يستمر الوجود، وأنها نعمة أنعم الله بها عليه، وأن عليه أن يأخذ منها بقدر، وأن يشكر الله على هذه النعمة وما تشمله من نعمٍ أخرى.
كما يرتبط الاستخلاف بالاستثمار والتعمير والتسخير لتحقيق منافع الإنسان ومصالحه في حدود الإلتزام بالمحافظة على البيئة في إطار منهج الله القويم، والانتفاع بها في صورةٍ تدعو إلى التفكير والتأمل والعبادة والدقة والتذوق.
أما الخروج عن حدود هذا المنهج في التعامل معها، فمن شأنه أن يخل بالتوازن البيئي القائم، وأن يؤدي إلى مشكلاتٍ بيئية، تجعل الحياة على الأرض أكثر صعوبة، ولا يكون الحل إلا بالعودة إلى الإلتزام بمنهج الله تعالى وشريعته لإنقاذ كوكب الأرض من الفساد والتدهور البيئي.
التسميات
مقالات
ممتاز
ردحذف