في ظل الأحداث الساخنة التي شهدنها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير وما صاحبها من انفلات أمنى، وجد المهربون وكل من باعوا ضمائرهم ووطنهم مقابل حفنة من الجنيهات غايتهم، وخيل إليهم أن جميع قطاعات الدولة أصابها الترهل والتسيب فعقدوا العزم على المضي قدماً في التوسع فى مخططاتهم الشيطانية وأعمالهم الإجرامية، وتناسوا أن هناك من الشرفاء من يقف لهم ولمشروعاتهم بالمرصاد.... السطور التالية تميط اللثام عن بعض قضايا التهريب التي تم ضبطها من جانب رجال الجمارك بقرية البضائع بميناء القاهرة الدولي في الآونة الأخيرة، وتقدم لنا سجلاً حافلا يحوى العديد من الصور المشرفة لرجال الجمارك الذين وهبوا أنفسهم وحياتهم للدفاع عن وطنهم ومقدراته......
مهرب منحوس..!!
اعتدنا دائما أن نرى الأخطار تأتى من وراء البحار وخلف الحدود لكن هذه المرة جاء الخطر على غير المعتاد ومن الداخل، فأثناء إتمام الإجراءات الجمركية على شهادة الصادر رقم 6529 من شهر مارس وأثناء المعاينة ارتاب مأمور الجمرك محمد عليوة في وزن وشكل الطرد المكون من "صندوق خشبي" بما يوحى أن بداخله أشياء مخبأة فقام بعرض الطرد على جهاز الكشف بالأشعة وتبين له وجود جيوب خفية تحتوى بداخلها على مواد صلبة فعرض بدوره الأمر على الأستاذ / السيد إبراهيم مدير جمرك الصادر الذي أمر بتشكيل لجنة جمركية مكونة من رئيس الوردية الأستاذ إسماعيل برسى والأستاذ جورج سمير لكشف وجرد محتويات الطرد وكانت المفاجأة ضبط خمس سبائك من الذهب بوزن 3.5 كيلو جرام قدرت قيمتها 837 ألف جنيه كما تم أيضا العثور على حبيبات معدن الفضة بوزن 115.5 كيلو جرام بقيمة 805 ألف جنيه .
ومن عجائب القدر انه بعد تلك الضبطية صدر قرار يسمح بتصدير الذهب مما يؤكد أن المهرب كان سيئ الحظ لان الفارق الزمني بين محاولته تهريب السبائك بالمخالفة للقانون ورفع الحظر عن التصدير لا يزيد عن بضعة أيام..!!
عملات أثرية
استكمالاُ لما سبق التنويه عنه من محاولات التهريب فانه أثناء إتمام الإجراءات الجمركية على شهادة صادر رقم 12186بتاريخ 22 مايو وأثناء المعينة الفعلية لعدد سبع طرود عثر مأمور الحركة باسم السيد عبد الهادي على عدد من العملات التي يرجع تاريخها إلى العصر العثماني ضمن محتويات الطرود ولكي يتم التأكد من أثرية العملات تم تشكيل لجنة مكونة من أعضاء هيئة الآثار ومصلحة الجمارك يرأسها مدير جمرك الصادر السيد إبراهيم وفاطمة عبد الفتاح موسى مأمور جمرك، وقد أقرت اللجنة بأثرية العملات المضبوطة التي يرجع تاريخها إلى العصر العثماني وفترة حكم السلطان عبد المجيد ،وعليه فقد اتخذت لجنة الآثار قراراُ يقضى بخضوع العملات المذكورة لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته اللجنة بمصادرة جميع العملات المضبوطة.
أجهزة للتجسس
وفى إطار الدور القومي لمصلحة الجمارك ورجالها الوطنين تم مؤخراً ضبط مجموعة من احدث أجهزة التنصت والتجسس الدقيقة المصممة بأشكال مختلفة للحيلولة دون اكتشافها والتعرف عليها ومن بينها نظارات شمسية مزودة بكاميرات حساسة للرصد والتصوير والتسجيل لكونها تحتوى على ميكروفونات مخصوصة لهذا الغرض كما تم ضبط العديد من الساعات والأقلام لاستخدامها في ذات الأغراض التخابرية بالمخالفة للقوانين . جدير بالذكر انه فور العلم بضبط هذه الأجهزة قامت السيدة أحلام السيد سلامة مدير عام جمارك طرود البريد بالتحرك لضبط الأجهزة الممنوعة وإحالة أصحابها للجهات الأمنية بعد اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة حيال الواقعة حيث يحُظر استيراد أي سلعة مخالفة طبقاُ لأحكام القانون رقم 10 لسنة 2003 لتنظيم الاتصالات ومواده رقم 77،44 وكذلك قرار نائب الحاكم العسكري رقم 3 لسنة 1998 .
مكحلة وشكمجية.. من العصر الصفوى
قررت النيابة العامة فى محضرها رقم 11048 لسنة 2011- جنح النزهة- تسليم المضبوطات الأثرية للمجلس الأعلى للآثار واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال الواقعة.
كان هاني وديد مهنى مأمور جمرك الصادر قد اشتبه أثناء قيامه بالكشف عن احدى الرسائل فى محتواها، فأدرك بخبرته أن من بين ماتضمنته الرسالة بعض المقتنيات الأثرية فسارع على التو بعرض الأمر على السيدة أمينة إبراهيم مديرة الجمرك والتى قامت بدورها بإخطار الوحدة الأثرية بمطار القاهرة للتأكد من صحة الاشتباه، حيث أفادت اللجنة المشكلة من أعضاء الوحدة بأن الأصناف المشتبه فيها أثرية بالفعل وهى عبارة عن مرايا ذات اطر منقوش على جوانبها زخارف هندسية ونباتية وكذلك علبة لأدوات الزينة مزينة ببعض الرسوم الملونة ويظهر عليها شكل لطائران متقابلان وأشكال ورود وأغصان وبداخلها مشط خشبي صغير ومكحلة، بالإضافة إلى شكمجية مزخرفة من الخارج بزخارف هندسية ومنظر تصويرى لأشكال آدمية، يعود تاريخ هذه المقتنيات الى نهاية العصر الصفوى الايرانى.
كما تحققت اللجنة من وجود غليون اثري "بايب" مكون من العاج ومرصع بفصوص ثمينة بارزة، ويرجع تاريخه إلى نهاية العصر العثماني.
5 مليون جنية تعويضات للجمارك
صرحت إدارة الشئون القانونية بقرية البضائع بمطار القاهرة انه تم تحصيل مبلغ 5 مليون جنيه عن عام 2011 قيمة تعويضات للجمارك ناتجة عن تلاعب بعض المستورين في أسعار الفواتير وتقديم فواتير مصطنعة مزورة إلى الجمارك بسعر يخالف السعر الحقيقي للسلعة، مما يعد طبقاً للمادة 121 من قانون الجمارك 66 لسنة 1963 "تهريباً حكمياً".
الجدير بالذكر انه قد تم التصالح فيما نسبته 90% من تلك القضايا، والبالغ عددها 115 قضية ، وقد أحيلت النسبة المتبقية إلى جهات التحقيق لرفض أصحابها التصالح ودفع الغرامات والتعويضات المقررة..!!
داخل ثلاثة رسائل تجارية فقط
77 مليون جنية تعويضات لجمارك "السخنة" عن سلع مهربة !
أحبطت جمارك ميناء السخنة فى النصف الثانى من عام 2011 العديد من محاولات التهريب لعدد كبير من السلع المحظور استيرادها والتى تضر بالأمن القومي المصرى لارتباطها بالجوانب الأخلاقية والأمنية.
كان ميناء عين السخنة قد شهد فى الأشهر الأخيرة الماضية محاولات عديدة لتهريب بضائع محظورة من جانب قلة من المهربين المحترفين' لولا أن يقظة رجال الجمارك حالت دون تمكنهم من تنفيذ خطط التهريب ونجاح المحاولات ..
"المحاولة الأولى" صواعق كهربائية ومنشطات جنسية
تعود وقائع المحاولة الأولى إلى شهر يوليو حيث كانت بعض المعلومات قد وردت إلى محسن احمد مدير عام جمرك ميناء عين السخنة تفيد بإعتزام إحدى شركات التصدير والاستيراد تهريب شحنة صواعق كهربائية في حاوية رقم 8112318 قادمة من الصين لحساب إحدى شركات الاستيراد والتصدير عبر ميناء عين السخنة قدم خلاها المستورد مستندات إلى الجمارك تفيد بأن الرسالة الواردة عبارة عن مستلزم كمبيوتر بالاقرار الجمركى رقم 18677 وبالكشف والمعاينة وفى وجود من ينوب عن صاحب الشأن تم العثور على منشطات جنسية للرجال على شكل " أقراص" وأخرى للنساء على شكل "علكة" وكذلك أعداد كبيرة من العبوات على شكل أكياس القهوة والمئات من الكبسولات المثيرة للشهوة والإثارة الجنسية.
وقد تم العثور أيضا على "صواعق كهربائية " بالإضافة إلى عدد من الأجهزة اللاسلكية التي تستخدم في التخابر.
على الجانب الآخر قدرت الجمارك قيمة الغرامة المستحقة ب 12 مليون و700 ألف جنيه، وقد تم تحرير محضر جمركى بالواقعة وأحيلت القضية إلى جهة التحقيق.
" المحاولة الثانية" أقراص ترامادول داخل فازات خزفية
أما المحاولة الثانية فقد جاءت وقائعها بعد شهر واحد من القضية الاولى حين تقدمت إحدى شركات الاستيراد بمستندات مخالفة لما هو مدون بالاقرار الجمركى رقم 23690 والذى يفيد بأن الرسالة الواردة عبارة عن فازات خزفية تُستخدم فى أغراض الديكور منشأها الهند وعند عرض الرسالة على جهاز الكشف بالأشعة تأكد وجود بضائع مخالفة لما اقر عنه المستورد.
وبعد تشكيل لجنة للكشف والمعاينة وجرد محتوى المشمول بمعرفة كل من إيهاب سعيد "للمعاينة" ومحمد عبد الغنى "مكافحة التهرب"وجمال عبد اللطيف القائم على جهاز الكشف بالأشعة، عثر على 4,7 مليون قرص ترامادول مخبأة داخل تلك الفازات وفى كراتين منفصلة، وتم مصادرة جميع المضبوطات التي بلغت قيمة غرامتها الجمركية 25 مليون و500 ألف جنيه.. وعليه تم تحرير محضر بالواقعة، فيما تولت النيابة التحقيق.
"المحاولة الثالثة" أقراص ترامادول داخل قوارير مياه
ولم يمر سوى 6 أيام فقط على الضبطية الثانية إلا وقامت جمارك العين السخنة بإحباط المحاولة الثالثة التى عثر خلالها على أقراص الترامادول المخدرة مخبأة داخل قوارير مياه "كولمان" وبذلك قد تحققت شبهة الإخفاء والتى جاءت مخالفة لما اقر بها المستورد بإقراره الجمركى رقم 24639 والذى أكد أن البضائع الواردة "قوارير مياه" وبناء عليه تم تحرير محضر جمركى بالواقعة.
هذا وقد قدرت قيمة الغرامة الجمركية المستحقة ب 38 مليون و300 الف جنيه، وتمت إحالة الواقعة إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية .
أحبط رجال الجمارك بالميناء أكبر محاولة لتهريب الآثار، وتجلت في هذه العملية أسمى معاني التكامل والتناغم بين نظم العمل الجمركي.
تبدأ أحداث الواقعة بإشتباه السيد/ أحمد بكري مدير إدارة منافذ الميناء في المستندات المقدمة للبيان الجمركي رقم 7473 لصنف " أنتريهات " والمصدرة لدبي و الواردة من أحد النقاط الجمركية الأخرى بنظام الإفراج المروري.
وعلى الفور تم العرض على السيد/ جلال الويشي المدير العام ، ونظرا للحساسية الشديدة في التعامل مع حاويات الصادر وارتباطها بمواعيد شحن البواخر أمر سيادته بعرض الحاوية وهي على سيارة التحميل على جهاز الكشف بالأشعة لتأكيد صحة الإشتباه من عدمه.
وهنا يأتي دور الكتيبة الثانية بقيادة الأستاذ/ أحمد عبد السلام وفريقه من شباب الكشف بالأشعة ، وتتويجا لجهودهم في الفقرة السابقة أكدت صور الأشعة إحتواء الحاوية المذكورة على صناديق خشبية أسفل المشمول الوارد بالمستندات و لم يتعرف الجهاز على المحتوى الداخلي لهذه الصناديق لسبب ما..
وعلى الفور أمر الأستاذ/جلال الويشي بتحويل الحاوية إلى ساحة الكشف ؛ وبعد تقنين الإجراءات الجمركية أتى دور الكتيبة الثالثة بقيادة الأستاذ / عصام عبد اللطيف رئيس قسم الحركة بالميناء والذي قام بتشكيل لجنة من كل من السادة / محمد عمر عبد الحافظ وحسن عثمان أبوجميل والسيد النجار لكشف مشمول الحاوية وبيان ما فيها من أصناف.
وكانت المفاجأة والتي أكدت صحة ما جاء بصور الأشعة ووجود صناديق مغلفة بمنتهى العناية والدقة بأوراق عاكسة لتضليل أجهزة الكشف بالأشعة، وموضوعة بزوايا الحاوية أسفل المشمول بطريقة يصعب بالفعل اكتشافها وبفتح إحداها طالع اللجنة المشكلة .. تمثال آية الروعة لأحد قياصرة الرومان .. فأيقن الجميع أنهم قد نجحوا في إحباط أكبر محاولة لتهريب الآثار المصرية خارج البلاد.
وعلى الفور قام الأستاذ/ جلال الويشي بإبلاغ المصلحة بالواقعة وقام بإبلاغ النيابة المختصة والتي أمرت باستحضار لجنة من كبار رجال الهيئة العامة للآثار لتحديد قيمة المضبوطات وبيان الحقبة التاريخية التي تعود إليها، ونظرا لخطورة الأمر و ضرورة تقنية الإجراءات الجمركية وللتعامل مع هذه اللجنة الجديدة أمر سيادته بضم الأستاذ/ صلاح بدوي للجنة العمل لما له من باع طويل في الإجراءات القانونية.
أتمت اللجنة الجديدة أعمالها وكان التقرير النهائي لها بمثابة التتويج لهذه الجهود وأثبتت فيه أن المضبوطات بمثابة كشف أثري نادر وليست محاولة تهريب عادية وأن من قاموا بهذه المحاولة من المحترفين بعمليات التهريب لدقة عملية االبراعة في صناعة الصناديق. كما أثبتت اللجنة أيضا أن هذه الآثار لا تقدر بثمن وترجع إلى العصور اليونانية والرومانية وأوائل العصر القبطي، وأمرت أيضا بتخصيص قاعات في المتحف لعرض هذه المضبوطات نظرا لندرتها وما تمثله من قيمة تاريخية.
أجمل ما قيل في هذه الواقعة
- "لا بد من محاكمة القائمين بهذه المحاولة لغبائهم و قدومهم إلى شرق التفريعة" أحد المستخلصين الجمركيين.
- "ستقوم النيابة العامة بإنشاء وحدة مستقلة لشرق بورسعيد لكثرة ما يرد منها من محاضر ضبط جمركي" رئيس نيابة ميناء بورسعيد
- "لم أكن أصدق أن هناك من رجال الجمارك المصرية من يتمتع بهذه الخبرة في مجال الآثار...." رئيس لجنة الهيئة المصرية للآثار
- وأخيرا كلمة قائد هذه الكتيبة وفي غمرة الفرح بالضبطية: "خلاص محضر وجبناه .. كل واحد يرجع شغله.. بقية الناس ملهاش ذنب تتعطل ...."
التسميات
ضبطيات