مهارات التغيير - أمينة فرغلى

مفهوم التغيير

التغيير ببساطة شديدة هو الإنتقال مما نحن فيه الآن إلى ما نريد أن نكون عليه ، وبالتالى يمكن أن نعرف التغيير كما يلى : "الإنتقال من وضع قائم بالفعل إلى وضع مستهدف لتحقيق أهداف محددة فى إطار رؤية واضحة مشتركة بين القيادة والعاملين".

حتمية إحداث التغيير

العالم اليوم عصراً متطوراً، يتسم بالنمو الهائل في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية والفنية والإدارية مما يمكن أن نطلق عليه عصر التغيير في جميع المجالات، ولا شك أن تعدد وتعقد الظروف البيئية الداخلية والخارجية يؤدى إلى ظهور العديد من التحديات التي تواجه الإدارة في المستقبل.
لذلك نجد أن هناك حاجة ماسة إلى التغيير في أساليب العمل وأدواته في جميع أنواع المنظمات ومستوياتها حتى يمكنها مواكبة التطور السريع الذي يجتاح العالم اليوم ، ولا شك أن التغيير في أساليب العمل وأدواته يحتم ضرورة التغيير في سلوك الأفراد في تلك المنظمات وضرورة تطوير أدائهم وتنمية مهاراتهم وتطوير أفكارهم وإمكانياتهم الذاتية حتى يمكنهم التكيف مع ظروف العمل الجديدة مما يتطلب في كثير من الأحيان تنمية وتطوير الموارد البشرية فى المنظمة وتغيير إتجاهاتها و أفكارها بإتجاه التطور والتحسن المستمر.

أهمية التغيير (أو التطوير)

من تعاليم الإسلام للمسلمين أن الإنسان يجب أن يسعى دائماً إلى تطوير حياته للأفضل وكلفه الإسلام بأن يسعى إلى تغيير ما يحيط به من أوضاع سيئة تؤثر على كفاءته في العمل وحريته الشخصية، فعلى المسلم ألا يستسلم للوضع القائم إذا كان هذا الوضع يحدّ من حريته أو يعوق تقدمه وتفوقه.. إذ قال الرسول الكريم : "مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان"، صدق رسول الله.
ولا شك أن مثل هذه التعاليم يجب أن تطبق أيضاً على حياة الإنسان الدنيوية فإرادة التغيير هي الوسيلة التي يجب أن ينتهجها الإنسان للتحول إلى وضع مستهدف أفضل من الوضع الحالي يعود عليه مزايا أفضل وحياة أحسن.. إذ قال الله تعالى : "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم"، صدق الله العظيم. لذا فالتغيير له عدة مزايا يمكن إجمالها فيما يلي :
‌أ-التغيير يُمكِّن من مجاراة المستحدثات التكنولوجية : بمعنى أنه في حقل الأعمال تتغير الأمور بسرعة مذهلة فتظهر أمور مستحدثة يجب مجاراتها لمسايرة التقدم التكنولوجي والمحافظة على المركز التنافسي للمنظمة.
‌ب- التغيير يُمكِّن من نجاح خطط زيادة الإنتاجية : بمعنى أن أي برنامج لتحسين الإنتاجية قد يتطلب إدخال بعض التغييرات الأساسية سواء تغيير تكنولوجي أو إنساني أو علمي أو عقلي.. الخ.
‌ج-التغيير يُمكِّن من مجاراة التغيرات البيئية والتي لو تخلفت المنظمات عن مجاراتها سوف يتم طردها من بيئة الأعمال : فعلى سبيل المثال تزايد عدد السكان يؤدى إلى زيادة حجم الطلب على المنتجات وبالتالي محاولة المنظمات الاستفادة من زيادة هذا الحجم لتحقيق معدلات أعلى من الأرباح.
‌د-التغيير يُعتبَر وسيلة مساعدة على الإبداع والابتكار : فالأخير يعنى عرض أفكار جديدة غير مألوفة لدى الغالبية ، الأمر الذي يتطلب معه لتنفيذ هذه الأفكار إحداث تغيير معين للوضع القائم فنجاح الإبداع مرتبط بنجاح عملية إحداث التغيير.

الأسباب التي تؤدى إلى حدوث التغيير

وهنا نتساءل عن الأسباب التي تؤدى إلى حدوث التغيير فبعض المديرين لا يعلمون عن التغيير إلا القليل ولا يهتمون بهذا التغيير إلاّ إذا مسّ هذا التغيير جانب من جوانب التنظيم، ولكن المدير الحكيم هو الذي يبحث عن التغييرات المتوقعة والتي يمكن أن تحدث نتيجة الصراعات المختلفة.. وفيما يلي نوضح بعض الأسباب التي تؤدى إلى حدوث التغيير:

البيئة :

إن البيئة بالنسبة لمنظمات الأعمال تعنى أكثر من الماء والهواء بالنسبة للإنسان ونقصد هنا بيئة العمل الخارجية والتي تشمل جميع ظروف العالم المتغيرة التي يجب أن تعمل فيها المنشأة، وتشمل العوامل البيئية : القوانين واللوائح الحكومية، المنافسـة، التقدم التكنولوجي، النمو السياسي ، القوانين المعقدة، نواحي القوة ونواحي الضعف في رجال الأعمال..الخ، مثل هذه التغييرات في بيئة العمل الخارجية تحتم على المسئولين في منظمات الأعمال ضرورة مواكبتها والتكيف معها وإلاّ ما استطاعت أن تلحق بهذا التغيير السريع مما قد يتسبب لها في الفشل.

التقدم الفني :

ومن هذه التطورات التغيير في الآلات والمعدات وأساليب العمل، وإدخال نُظم المعلومات والحاسبات الآلية المتطورة...الخ كل هذا يفرض على التنظيم ضرورة التطور والتغير إلى الأحدث والأكثر تقدماً، وتوفير الكوادر الفنية اللازمة للعمل على مثل هذه الآلات والمعدات المتطورة وكيفية استخدام نُظم المعلومات والحاسب الآلي في اتخاذ القرارات وهكذا.

التغييرات التنظيمية :

تلك التغييرات في التنظيم وأساليب الإنتاج التي حولت التنظيم الهرمي إلى تنظيم متشابك العلاقات وأصبح التنظيم أفقياً واتسعت قاعدته وليس رأسياً هرمياً كما كان في الماضي حيث تسلسل السلطة رأسياً بدءً بالإدارة العليا ثم الوسطى ثم التشغيلية وهكذا، وقد يكون التنظيم مصفوفياً أو دائرياً.

التغييرات الإدارية :

وتُعتبَر من أهم أنواع التغييرات، فالمديرين أنفسهم يكونون هم مصدر التغيير الذي تواجهه الإدارة وقد تكون هذه التغييرات عارضة (طارئة) مثال ذلك ما يقوم به المدير من تغيير لا ينعكس على العمل بصورة مرئية وقد تكون هذه التغييرات دولية كأن يستفيد المدير من جميع الخبرات التي تظهر على مستوى العالم والتي تكشف عن إتباع طريقة أفضل للعمل وتحقيق الكفاية الإنتاجية، والفعاليـة في الأداء، في هذه الحالة لابد أن ينعكس هذا التغيير على مراحل العمل وأساليبه والتي مارسها العاملين لفترة طويلة مما يدفع المدير إلى محاولة الضغط على العاملين ليغيروا من هذه الأساليب والطرق القديمة وإتباع أخرى حديثة.
المنظمة البارعة فى التغيير :

حتى تكون المنظمة بارعة فى التغيير يوجد هناك ثلاثة مطالب أساسية أولية :

  1. أن يكون لدى إدارتها الخيال المبدع . - الإحترافية والمهنية العالية فى الأداء .
  2. مناخ يتسم بالتعاون .

مراحل التغيير لكى يتم إحداث تغيير من وضع قائم إلى وضع مستهدف فإننا نمر على خمس مراحل متتابعة، وهى:

إكتشاف الحاجة للتغيير: لكى يكون هناك تغيير لابد أن تكون هناك حاجة له، وأن تكون هذه الحاجة ملحة ودافعة له ، وهذا يتطلب إستشعار بعض الظواهر التى تدعو الحاجة له مثل:
  1. وجود معوقات فى العمل
  2. إنخفاض الإنتاجية.
  3. سلبية فى الأداء.
  4. وضع خطة طموحة.
  5. هيكل تنظيمى غير قادر على تحقيق الأهداف المرغوبة.
  6. نظم ولوائح غير كافية للمساندة فى أداء المهام المنوطة.
  7. نظم وأساليب وأفكار سائدة معوقة فى تحقيق الأهداف.
  8. حاجة بيئية جديدة.
  9. قدم الآلات والمعدات وقصورها فى أداء مهامها.

وجود الدافع والرغبة :

بعد إكتشاف الحاجة للتغيير لابد من وجود الدافع والرغبة لإحداثه، وهذه العملية تحتاج لهذه المحاور:
  1. وجود دافع قوى وإقتناع تام بإحداث التغيير من قبل الهيئة المسئولة عنه.
  2. وجود إستقرار للوضع المستهدف المراد الوصول إليه بالتغيير والتأكد من إمكانية الوصول إليه.
  3. وجود رغبة جماعية مشتركة من قبل المخططين لعملية التغيير وإحساس قوى بأن هذا التغيير يحقق أهداف المنظمة أولاً ثم أهدافهم الشخصية.

التخطيط لعملية التغيير:

لاشك بعد إكتشاف الحاجة للتغيير ووجود الدافع القوى والرغبة المشتركة التى تعضده، لابد من التخطيط لهذه العملية بالإعداد السليم والتحفيز الفعال، وهذه المرحلة تتطلب مجموعة من المحاور منها:
  1. إقناع المنفذين بأهمية عملية التغيير.
  2. التصدى لتيار المقاومة من قبل العاملين لهذه العملية بأسلوب علمى متحضر مبنى على الإقناع - شرح مستفيض للوضع الحالى وعيوبه والوضع المستهدف ومميزاته وربط ذلك بأهداف المنظمة وبأهدافهم الشخصية.
  3. تنمية مهارات وقدرات المنفذين بما يتفق مع الوضع المستهدف وظروفه بإستخدام أساليب التدريب وسبل التعليم المختلفة.

تنفيذ عملية التغيير:

ويقصد بهذه المرحلة البدء فعلاَ بتنفيذ تدريجى لخطوات التغيير بإحلال النماذج والطرق والأساليب الحديثة محل القديمة والتأكد من إحلال الوضع الجديد محل الوضع القديم وبصورة كاملة.

متابعة عملية التغيير:

بعد إحلال الوضع المستهدف محل الوضع القائم تأتى مرحلة متابعة إستقرار الوضع الجديد والتأكد من تنفيذه الكامل والتجاوب الفعال من جانب العاملين له، والتأكد من مستوى تحقيق الأهداف بواسطة الوضع المستهدف ولو بصورة مبدئية. وتهدف هذه المرحلة إلى التأكد من:
  1. التنفيذ السليم لعملية التغيير.
  2. إستقرار الوضع المستهدف.
  3. تفهم وتجاوب العاملين مع الوضع المستهدف.
  4. مدى تأثير الوضع المستهدف فى أهداف المنظمة.

شروط قبول التغيير

هناك مجموعة من الشروط يجب توافرها في التغيير تكون بمثابة أسباب لقبول التغيير وعدم مقاومته، ومن هذه الشروط ما يلي:
  • التغيير اختياري وليس مفروض:
عندما يشعر العاملون أن التغيير اختياري بالنسبة لهم وليس إجبارياً أو مفروض عليهم ففي هذه الحالة لا تكون هناك مقاومة للتغيير ويكون سلوك الفرد إيجابياً في مجال العمل والعكس صحيح كما سبق أن أوضحنا.
  • أن يكون التغيير نحو الأفضل :
إن الغرض الرئيسي من وراء التغيير يجب أن يكون الوصول إلى وضع أفضل في المستقبل من الوضع الحالي، ومن ثم ينعكس هذا الوضع الأفضل على ظروف العاملين بتحسين أحوالهم وأوضاعهم في العمل وليس بالاستغناء عن بعضهم أو تغيير مراكزهم ووظائفهم في العمل، فإذا اقتنع العاملين بالأهداف الإيجابية للتغيير وبتحسين أحوالهم كنتيجة طبيعية للتغيير في هذه الحالة سيكون التغيير مقبولاً من العاملين ولن تكون هناك مقاومة له.
  • أن يلبى التغيير إحتياجـات العاملين:
لابد أن يهتم القائمين بالتغيير باحتياجات العاملين الاجتماعية والنفسية والاقتصادية في مجال العمل، فإذا أمكن للقائمين بالتغيير إقناع العاملين بأن جميع احتياجاتهم أو أغلبها يمكن تلبيتها من خلال التغيير المزمع إدخاله على ظروف العمل وأدواته في هذه الحالة سيكون التغيير مقبولاً من قِبل العاملين.
  • توافر المعلومات اللازمة عن التغيير :
إن توافر المعلومات اللازمة عن التغيير للعاملين من حيث أهدافه ونتائجه وضرورتـه، فهذا لا شك يقلل من حدة القلق المرتبطة بالتغيير في نفوس العاملين مما يجعلهم يتقبلوه.

التغيير مخطط ومنظم

ونقصد بذلك ألا يتم التغيير بصورة ارتجالية أو يكون مفاجئ للعاملين وإنما ينبغي أن يكون مخطط ومُنظَّم وتدريجي ويتم إدخاله للعاملين على سبيل التجربة والاختبار وفى خلال تلك الفترة تعقد اجتماعات مستمرة بين المسئولين عن التغيير والعاملين لشرح مزايا التغيير ودرجة استفادة العاملين منه ومن ثم يتقبله العاملين ولا يقاومونه.

دعائم نجاح التغيير والتطوير

وأخيرا حتى تكون برامج التغيير ناجحة ينبغي توافر عوامل معينة تتيح للقائمين على برامج التغيير في المنظمات فرص النجاح في جهودهم ، أهم هذه العوامل مايلي :
  1. دعم وتاييد القادة الإداريين لجهود التغيير مما يضمن له الإستمـرارية.
  2. توفر المناخ العام الذي يقبل التغيير ولا يعارضه.
  3. وجود خبراء أو وكلاء يمتلكون مهارات فكرية وإنسانية وفنية ترتبط بالتغيير .
  4. إشراك الأفراد والجماعات الذين سيتاثرون بالتغييرفي رسم أهدافه والتخطيط له وتنفيذه .
  5. شرح وتوضيح دوافع وأسباب التغيير للأفراد العاملين . - بيان الفوائد المادية والمعنوية التي ستترتب على عملية التغيير للأفراد العاملين 
  6. معرفة مصادر التغيير ومراكزه.
  7. تشخيص عوامل مقاومة التغييرومراكزه .
  8. توفر الموارد البشرية والمادية والفنية التي تهيىء للتغيير وتساعد على تنفيذه .

محتويات العدد ٤٦٢

  1. كلمة العدد دعوة للمشاركة 
  2. مصلحة الجمارك ودورها فى دعم الثورة - أحمد سعودى
  3. غرفة الملاحة على مائدة الاستفسار- أحمد الطوبجى
  4. حوار مفتوح من أجل سلامة تطبيق اتفاقية القيمة - سحر شحاته
  5. الإنفلات والإنضباط الأخلاقى بعد الثورة - محمود أبو العلا
  6. رجال على خط المواجهة - محمد مرسى
  7. الإنترنت وانعكاساتها على العمل الجمركى - فاتن فهيم
  8. لا يكفى أن نحلم - عبد الناصر عز الدين
  9. أضواء على مسابقة التثثقيف الذاتى - حنان عليوه
  10. الوظائف القياديه - منى البسه
  11. الكشف بالأشعة - هشام قناوى
  12. الأحزاب السياسية - سامح الفرسيسى
  13. ندوات تثقيفية - عصام محمد على
  14. من أجل مصر العظيمة أفيقوا - أحمد الصياد
  15. طريق النجاح - نهى شلتوت
  16. أثار مصر بين الثورة والثروة - سلوى شحاته
  17. تأملات فى الشخصية المصرية - حمدى عبد الرحمن
  18. مكافحة الفساد فى ضوء اتفاقية الأمم المتحدة - محمد على اسماعيل
  19. المناقصات والمزايدات
  20. المكسرات وفوائدها الصحية - عصام نجم
  21. قوة التحكم فى الذات - أمانى كويلة
  22. مهارات التغيير - أمينة فرغلى
  23. مفاتيح الإبداع المهنى - صفوة والى
  24. تطوير مبنى إدارة تموين السفن - عبير صنديق 

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال