مكافحة الفساد فى ضوء اتفاقية الأمم المتحدة - محمد على اسماعيل

انتشر الحديث خلال الشهور القليلة الماضية حول ظاهرة الفساد , ومدى تأثيرها على تخلف الدول وعدم اللحاق بركب التقدم والنمو ، وانعكاس ذلك على الحياة الكريمة التي تتطلع إليها شعوب هذه الدول ، وما هو المخرج حيال الممارسات الضارة التي يمارسها عدد من ذوى النفوس الضعيفة تؤدى إلى إلحاق الضرر بالأمم والشعوب لفترات زمنية طويلة ، لا تتمتع فيها بأي تطوير أو تنمية حيث تصبح المجتمعات منقسمة إلى فئتين ، الأولى وهى الفئة قليلة العدد التي تسيطر على مقدرات الشعوب وتنهب ثرواتهم , والثانية وهم باقي أفراد الشعب الذين يعانون ويلات العيش غير الكريم وشظف الحياة .
وإذا كان الفساد هو الآفة الخطيرة التي تهدد استقرار المجتمعات ومستقبل الشعوب وكيانات الدول ، فإن مكافحته على نطاق واسع وبكل الوسائل، ضرورة حياة ، وواجب ثابت ، ومسؤولية مؤكدة.
فإذا تفاقم الفساد واستشرى واتسع نطاقه في مجتمع ما، كان ذلك نذيراً بالشر المستطير؛ و كلما وقع التقاعس عن مكافحة الفساد، لسبب من الأسباب، تشجَّع المفسدون عل مواصلة إفسادهم للحياة بدون رادع .
ومكافحة الفساد تبدأ بتطبيق القوانين المعمول بها، أو إصدار تشريعات جديدة يراعى فيها تغليظ العقوبات. وإذا كان الفساد يأتي أحيانـًا من العراقيل التي يضعها الفاسدون للحيلولة دون تطبيق القانون ، ففي هذه الحالة ينبغي التعامل مع الجريمة بقدر أكبر من الجدية والشجاعة والحسم في شأنها والبتر لأصولها والاقتلاع لجذورها . وهو الأمر الذي يقتضي ملاحقة الفساد في كل المواقع ومتابعة جميع القضايا المتعلقة بإساءة استخدام أو نهب الأموال العامة .والاستخفاف بالقانون هو الخطوة الأولى على الطريق إلى ارتكاب الجريمة .
وللفساد مؤسسات تقام في غياب القانون , لذلك كانت مكافحة الفساد تبدأ بضرب مؤسساته ، وتفكيكها، والإطاحة بها، ومتابعة القائمين عليها لتقديمهم إلى القضاء ، إحقاقـًا للعدالة ، وإنقاذا ً للمجتمع من العواقب الوخيمة المترتبة علىاستشراء الفساد بكل أشكاله .
وإذا أصبحت مكافحة الفساد جزءًا من السياسة العامة للدولة ، ترسَّخ الاستقرار السياسي رسوخًا قويًا، وتطورت التنمية تطورًا شاملا ً لصالح الأجيال الحاضرة ولفائدة الأجيال القادمة معًا ، ضمن منظومة متكاملة ، مترابطة الحلقات، منها (الحلقة القانونية) و(الحلقة السياسية) . فهي منظومة تتكون من ثلاثة أضلاع ، إذ لا تقوم تنمية اقتصادية ، إلا في ظل التنمية القانونية التي تستند إلى التنمية السياسية.
وفى مصر ، التي ندعو الله أن يحفظ لها ما عسى أن يكون قد تبقى من ثرواتها ، سمعنا وقرأنا ما شابت له الولدان واستنكرته الآذان من كمية فساد تطلب فيه جهات التحقيق العون لإنجاز الملفات المعروضة عليها في قضايا يعجز العقل عن استيعابها .وقد رأيت أن أعرض على القارئ في هذا المقال قراءة لبعض ما تحتوى عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، لكي يقف على مدى اهتمام المنظمة الدولية ومعظم شعوب الأرض بمكافحة الفساد ورد الممتلكات التي نهبها المفسدون , والآليات التي يجب على الدولة إتباعها لمكافحة الفساد بالتعاون مع باقي الدول ، عسى أن يكون في ذلك الفائدة المرجوة في مثل هذه الظروف التي تعيشها مصر.

تداعيات الفساد وتدابير مكافحته:

أشارت الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد أن الفساد يهدد الاستقرار السياسي للدول والتنمية المستدامة فيها ، و أن من يكتسب الثروة الشخصية بصورة غير مشروعة ، يمكن أن يلحق ضررًا بالغـًا بالمؤسسات الديمقراطية والاقتصادية وسيادة القانون . هذه العلاقة القائمة بين الفساد والاستقرار السياسي ، تستدعي التفكير العميق في هذا الموضوع ، مادام أن من مقتضيات الإصلاح الشامل ، القيام بتطهير المجتمع والدولة من الفساد .
وكون الفساد يهدد الاستقرار السياسي، فهذا أمر في منتهى الخطورة، إذ كلما توسعت دوائر الفساد وتضخمت مؤسساته، تزايد نفوذه القوي المؤثر في الاستقرار السياسي ذي الصلة القوية بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي . ومن هنا تأتي الأهمية البالغة لعملية مكافحة الفساد التي يتوجب أن تنخرط فيها الدولة بكل أجهزتها والمجتمع المدني بكل مؤسساته والصحافة بكل منابرها، لأنها عملية وطنية ينبغي أن تحظى بالأولوية إعمالا ً للفصل الثامن من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد الذي ينص على أن "تتخذ كل دولة طرف، وفقـًا للمبادئ السياسية لقانونها الداخلي، ما يلزم من تدابير، بما فيها التدابير التشريعية والإدارية، لضمان تنفيذ التزاماتها بمقتضى هذه الاتفاقية.
ويجوز لكل دولة طرف أن تعتمد تدابير أكثر صرامة أو شدة من التدابير المنصوص عليها فى هذه الاتفاقية من أجل منع الفساد ومكافحته.
إن الأمر هنا يتعلق بثلاث مراحل ؛ أولاها وضع السياسات الفعالة ، وثانيتها تنفيذ هذه السياسات ، وثالثتها ترسيخ هذه السياسات ، ولا تغني مرحلة عن المرحلتين الأخريين .

أغراض الاتفاقية :

الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وقعت عليها الأمم المتحدة بتاريخ9/ 12/ 2003 , و تم التوقيع علي الاتفاقية من 140 دولة . وقد اشترطت المادة 68 منها ضرورة تصديق ثلاثين دولة عليها لتصبح واجبة التنفيذ بعد تسعين يوما من تاريخ تصديق الدولة الثلاثين . وقد اكتملت هذه التصديقات في أواخر 2005 ، وبذلك أصبحت الاتفاقية نافذة المفعول بدءا من 14 ديسمبر 2005
وقد وقعت مصر علي الاتفاقية سنة 2003، وصدقت عليها في 25فبراير 2006. و تنص الفقرة الثانية من المادة 68 من الاتفاقية علي أنها تصبح ملزمة للدولة التي تصدق عليها بعد ثلاثين يوما من تاريخ التصديق ، وعلي ذلك تكون الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد قد أصبحت جزءا من القانون المصري تلتزم بها الحكومة المصرية والقضاء المصري بدءا من 28 مارس 2006
وإذا تأملنا في أغراض هذه الاتفاقية الدولية ، نجدها تعبر بدقة متناهية ، عن الأهداف المتوخاة من أي قانون وطني تقره الدول الأطراف في الاتفاقية لمكافحة الفساد , فهذه الأغراض حسب النص الرسمي هي :
  • أ) ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة أكفأ وأنجع .
  • ب) ترويج وتيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد ، بما في ذلك في مجالاسترداد الموجودات (الممتلكات) .
  • ج) تعزيز النزاهة والمساءلة للشؤون العمومية والممتلكات العمومية .
ويلاحظ في ـ حرف (أ) ـ من هذا النص ، التلازم بين المنع والمكافحة , فمنع الفساد هو الحيلولة دون وقوعه، بالإجراءات القانونية الرادعة من المراقبة والشفافية والنزاهة ، إلى التعقب والترصد والمتابعة. فإذا وقع الفساد، على أي مستوى كان، لزمت المكافحة بشتى الوسائل. فالمنع أولا ً ثم تأتي المكافحة. وأحيانًا يكون المنع من صميم المكافحة. ويكون المنع بتنفيذ الغرض الثالث من أغراض الاتفاقية الدولية ـ حرف (ج) ـ القاضي بـتعزيز النزاهة والمساءلة للشؤون العامة والممتلكات العمومية.
وإذا كانت النزاهة والمساءلة شرطين لازمين من شروط الحكم الرشيد ، حيث أنهما أقوى الوسائل وأنجعها وأردعها لمكافحة الفساد. لذلك فإن النزاهة في الحكم والمساءلة والمحاسبة عند التنفيذ ، وسائل فعالة لاقتلاع جذور الفساد ، ولتطهير البلاد من أخطاره وبوائقه .
وجماع القول فإن مكافحة الفساد يكسب الدولة القوة والمناعة والحصانة والقدرة على مواجهة الصعوبات الاقتصادية والتغلب على المعوقات التنموية .
وقد اهتمت المادة الثانية من الاتفاقية بتحديد مجال تطبيقها . ويتبين منها أنها تقصد بالفساد الذي تحاربه ، سوء استخدام الوظيفة العامة لتحقيق ربح شخصي غير مشروع .
والاتفاقية تمنع معاقبة المبلغين عن جرائم الفساد إذا تم التبليغ بحسن نية ، لأن اقتناع المبلغ بوقوع الجريمة قد قام علي أسباب معقولة تؤدي إليها، حتي لو تبين فيما بعد أن البلاغ لم يكن صحيحا، فقد نصت الفقرة الرابعة من المادة الثامنة من الاتفاقية علي أن تلتزم الدولة التي انضمت إلي الاتفاقية بتوفير الإجراءات والنظم التي تسهل قيام الموظفين العموميين بالتبليغ عن أعمال الفساد إلي جهات التحقيق المسئولة عن محاربة هذه الأعمال إذا ما وصلتهم معلومات عن هذه الأفعال خلال أدائهم وظائفهم .
وجاءت المادة 38 من الاتفاقية بحكم مماثل تحت عنوان "التعاون بين السلطات الرسمية"، فنصت علي التزام الدولة المنضمة إلي الاتفاقية بتشجيع الموظفين العموميين علي التعاون مع السلطات المختصة بالتحقيق في جرائم الفساد ، وبأن يبلغوا هذه السلطات باحتمال وقوع جريمة من جرائم الفساد إذا ما توافرت لديهم أسباب معقولة تؤيد اعتقادهم بوجود مخالفة لأحكام المواد 15 و 21 و23 من الاتفاقية، وهي خاصة بجرائم الرشوة وغسيل الأموال.
وكررت المادة 39 من الاتفاقية نفس المعني ، ولكنها اختصت هذه المرة بتشجيع تعاون الأفراد من غير الموظفين العموميين مع السلطات الوطنية المختصة بمحاربة الفساد.
وأخيرا.... حرصت الاتفاقية علي أن تنص في المادة 33منها علي حكم عام يحمي المبلغين عن جرائم الفساد من المساءلة، إذا كان المبلغ حسن النية، وكان اعتقاده بوجود جريمة منصوص عليها في هذه الاتفاقية مستندا إلي أسباب معقولة تؤدي إليه.
وتنص الفقرة الأولي من المادة 43 من الاتفاقية علي أن تتعاون الدول الأطراف في المسائل الجنائية وفقا للمواد من 44 إلي 50 من هذه الاتفاقية ، وتساعد الدول الأطراف بعضها البعض في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد.
ونصت الفقرة الأولي من المادة 44 علي أنها تنطبق علي الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية عندما يكون الشخص موضوع طلب التسليم موجودا في إقليم الدولة التي يطلب منها التسليم وبشرط أن يكون الفعل ، الذي يلتمس بشأنه التسليم ، جريمة خاضعة للعقاب في كل من قانون الدولة التي تطلب التسليم ، وكذلك في قانون الدولة المطلوب منها تسليم المتهم .
وتستطيع مصر لذلك أن تستعين باتفاقية مكافحة الفساد لتطلب تسليم الهاربين من مصر ، إذا كانت إحدي التهم الموجهة إليهم هي الاشتراك في جريمة من جرائم الفساد التي نصت عليها الاتفاقية.
وقد نصت الاتفاقية صراحة علي أن وجود تهم أخري منسوبة للمتهم المطلوب تسليمه بالإضافة إلي تهم الفساد لا يصح أن يمنع الدولة المطلوب منها التسليم من قبول تسليم المتهم .
تنطبق هذه الاتفاقية ، وفقا لأحكامها ، على منع الفساد والتحري عنه وملاحقــة مرتكبيه ، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية. ولأغراض تنفيذ هذه الاتفاقية ، فليس ضروريا أن تكون الجرائم المبيّنة فيها قد ألحقت ضررا أو أذى بأملاك الدولة ،باستثناء ما تنص عليه خلافا لذلك.
وعلى كل دولة طرف ، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ،أن تقوم بوضع وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة منسقةلمكافحة الفساد ، تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن إدارة الشئون والممتلكات العمومية والنـزاهة والشفافية والمساءلة.
كما تسعى كل دولة طرف إلى إرساء وترويج ممارسات فعالة تستهدف منع الفساد. و تسعى كل دولة طرف إلى إجراء تقييم دوري للنصوص القانونية والتدابير الإدارية ذات الصلة ، بغية تقرير مدى كفايتهالمنع الفساد ومكافحته.
وتتعاون الدول الأطراف فيما بينها ومع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة ، حسب الاقتضاء ووفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ، على تعزيز وتطوير التدابير المشار اليها . ويجوز أن يشمل ذلك التعاون المشاركة في البرامج والمشاريع الدولية الرامية إلى منع الفساد.
وتكفل كل دولة طرف ، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ، وجود هيئة أو هيئات ، حسب الاقتضاء ، تتولى منعالفساد ، بوسائل مثل:
أ) تنفيذ السياسات المشار إليها في المادة 5 من هذه الاتفاقية ، والإشراف على تنفيذ تلك السياسات وتنسيقه ، عند الاقتضاء.
ب) زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها.
وتقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ، بمنح الهيئة أو الهيئات المشار إليها ما يلزم من الاستقلالية ، لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ لـه . وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين، وكذلك ما قد يحتاج إليه هؤلاء الموظفون من تدريبللاضطلاع بوظائفهم.
كما تقوم كل دولة طرف بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة باسم وعنوان السلطة أو السلطات التي يمكن أن تساعد الدول الأطراف الأخرى على وضع وتنفيذ تدابير محددة لمنع الفساد.
وتوجب الاتفاقية على كل دولة طرف اعتماد وترسيخ وتدعيم نظم لتوظيف الموظفين العموميين واستخدامهم واستبقائهم وترقيتهم وإحالتهم على التقاعد تتسم بأنها:
أ) تقوم على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، مثل الجدارة والإنصاف والأهلية ؛
ب) تشتمل على إجراءات مناسبة لاختيار وتدريب أفراد لتولي المناصب العمومية التي تعتبر عرضة للفساد بصفة خاصة وضمان تناوبهم على المناصب عند الاقتضاء؛
ج) تشجع على تقديم أجور كافية ووضع جداول أجور منصفة ، مع مراعاة مستوى النمو الاقتصادي للدولة الطرف المعنية ؛
د) تشجع على وضع برامج تعليمية وتدريبية لتمكين أولئك الموظفين من الوفاء بمتطلبات الأداء الصحيح والمشرّف والسليم للوظائف العمومية ، وتوفر لهم التدريب المتخصص والمناسب من أجل إذكاء وعيهم بمخاطر الفساد الملازمة لأداء وظائفهم. ويجوز أن تشير هذه البرامج إلى مدونات أو معايير سلوكية في المجالات التي تنطبق عليها. وتنظر كل دولة طرف أيضا في اعتماد تدابير تشريعية وإدارية مناسبة، بما يتوافق مع أهداف هذه الاتفاقية ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، لوضع معايير تتعلق بالترشيح للمناصب العمومية وانتخاب شاغليها.
تنظر كل دولة طرف أيضا في اتخاذ التدابير التشريعية والادارية المناسبة، بما يتسق مع أهداف هذه الاتفاقية ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، لتعزيز الشفافية في تمويل الترشيحات لانتخاب شاغلي المناصب العمومية وفيتمويل الأحزاب السياسية، حيثما انطبق الحال.
تسعى كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلى، إلى اعتماد وترسيخ وتدعيم نظم تعزز الشفافية وتمنعتضارب المصالح.
ومن أجل مكافحة الفساد ، تعمل كل دولة طرف ، ضمن جملة أمور ، على تعزيز النـزاهة والأمانة والمسؤولية بين موظفيها العموميين ، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني.
وعلى وجه الخصوص ، تسعى كل دولة طرف إلى أن تطبق ، ضمن نطاق نظمها المؤسسية والقانونية ، مدونات أو معايير سلوكية من أجل الأداء الصحيح والمشرّف والسليم للوظائف العمومية. و على كل دولة طرف أن تحيط علما بالمبادرات ذات الصلة التي اتخذتها المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف ، ومنهاالمدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين ، الواردة في مرفق قرار الجمعية العامة 51/ 59 المؤرخ 12 كانون الأول/ ديسمبر 1996. و تنظر كل دولة طرف أيضا في إرساء تدابير ونظم تيسر قيام الموظفين العموميين بإبلاغ السلطات المعنية عن أفعال الفساد ، عندما يتنبهون إلى مثل هذه الأفعال أثناء أداء وظائفهم. وتسعى كل دولة طرف ، عند الاقتضاء ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي ، إلى وضع تدابير ونظم تلزم الموظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات المعنية عن أشياء منها ما لهم من أنشطة خارجية وعمل وظيفي واستثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة قد تفضي إلى تضارب في المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين. و تنظر كل دولة طرف في أن تتخذ تدابير تأديبية أو تدابير أخرى ضد الموظفين العموميين الذين يخالفون المدونات أو المعايير الموضوعة وفقا لهذه الاتفاقية .

تدابير منع غسل الأموال

على كل دولة طرف:

أ) أن تنشئ نظاما داخليا شاملا للرقابة والإشراف على المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية ، بما في ذلك الشخصيات الطبيعية أو الاعتبارية التي تقدم خدمات نظامية أو غير نظامية في مجال إحالة الأموال أو كل ما لـه قيمة ، وعند الاقتضاء على الهيئات الأخرى المعرّضة بوجه خاص لغسل الأموال ، ضمن نطاق اختصاصها ، من أجل ردع وكشف جميع أشكال غسل الأموال ، ويتعين أن يشدد ذلك النظام على المتطلبات الخاصة بتحديد هوية المتعاملينوالمالكين المنتفعين ، عند الاقتضاء ، وحفظ السجلات والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة؛
ب) أن تكفل، دون مساس بأحكام المادة 46 من هذه الاتفاقية ، قدرة السلطات الإدارية والرقابية والمعنية بإنفاذ القانون وسائر السلطات المكرسة لمكافحة غسل الأموال ، (بما فيها السلطات القضائية، حيثما يقضي القانون الداخلي بذلك) ، على التعاون وتبادل المعلومات على الصعيدين الوطني والدولي ضمن نطاق الشروط التي يفرضها قانونها الداخلي ، وأن تنظر ، لتلك الغاية ، في إنشاء وحدة معلومات استخبارية مالية تعمل كمركز وطني لجمع وتحليل المعلومات المتعلقة بعمليات غسل الأموال المحتملة ، ولتعميم تلك المعلومات ؛ تنظر الدول الأطراف في تنفيذ تدابير قابلة للتطبيق لكشف ورصد حركة النقود والصكوك القابلة للتداول ذات الصلة عبر حدودها ، رهنا بضمانات تكفل استخدام المعلومات استخداما سليما ودون إعاقة حركة رأس المال المشروع بأي صورةمن الصور . 

ويجوز أن تشمل تلك التدابير اشتراط قيام الأفراد والمؤسسات التجارية بالإبلاغ عن إحالة أي مقادير ضخمة من النقود والصكوك القابلة للتداول ذات الصلة عبر الحدود. تنظر الدول الأطراف في تنفيذ تدابير مناسبة وقابلة للتطبيق لإلزام المؤسسات المالية، ومنها الجهات المعنية بتحويل الأموال بما يلي:

أ) تضمين استمارات التحويل الالكترونية للأموال والرسائل ذات الصلة معلومات دقيقة ومفيدة عن المُصدر؛
ب) الاحتفاظ بتلك المعلومات طوال سلسلة عمليات الدفع ؛
ج) فرض فحص دقيق على تحويل الأموال التي لا تحتوي على معلومات كاملة عن المُصدر.
لدى إنشاء نظام رقابي وإشرافي داخلي يجدر بالدول الأطراف أن تسترشد بالمبادرات ذات الصلة التي اتخذتها المؤسسات الإقليمية والمتعددة الأطراف ضد غسل الأموال. تسعى الدول الأطراف إلى تنمية وتعزيز التعاون العالمي والإقليمي ودون الإقليمي والثنائي بين السلطات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون وأجهزة الرقابة المالية من أجل مكافحة غسل الأموال .

التجميد والحجز والمصادرة :

1- تتخذ كل دولة طرف ، إلى أقصى مدى ممكن ضمن نطاق نظامها القانوني الداخلي ، ما قد يلزم من تدابير للتمكين من مصادرة:
أ) العائدات الإجرامية المتأتية من أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية ، أو ممتلكات تعادل قيمتها قيمة تلك العائدات ؛
ب) الممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التي استُخدمت أو كانت معدّة للاستخدام في ارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذهالاتفاقية.
2- تتخذ كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير للتمكين من كشف أي من الأشياء المشار إليها في الاتفاقية أو اقتفاء أثره أو تجميده أو حجزه، لغرض مصادرته في نهاية المطاف.
3- تتخذ كل دولة طرف، وفقا لقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتنظيم إدارة السلطات المختصة للممتلكات المجمدة أو المحجوزة أو المصادرة.
4- إذا حُوّلت هذه العائدات الإجرامية إلى ممتلكات أخرى أو بدلت بها، جزئيا أو كليا، وجب إخضاع تلك الممتلكات، بدلا من العائدات ، للتدابير المشار إليها في هذه الاتفاقية.
5-إذا خُلطت هذه العائدات الإجرامية بممتلكات اكتُسبت من مصادر مشروعة، وجب إخضاع تلك الممتلكات للمصادرة في حدود القيمة المقدّرة للعائدات المخلوطة ، مع عدم المساس بأي صلاحيات تتعلق بتجميدها أو حجزها.
6- تخضع أيضا للتدابير المشار إليها ، على نفس النحو وبنفس القدر الساريين على العائدات الإجرامية ، الإيرادات أو المنافع الأخرى المتأتية من هذه العائدات الإجرامية، أو من الممتلكات التي حُوّلت تلك العائدات إليها أو بُدّلت بها، أو من الممتلكات التي اختلطت بها تلك العائدات.
7- لأغراض هذه الاتفاقية، تخول كل دولة طرف محاكمها أو سلطاتها المختصة الأخرى أن تأمر بإتاحة السجلات المصرفية أو المالية أو التجارية أو بحجزها. ولا يجوز للدولة الطرف أن ترفض الامتثال لأحكام هذه الفقرة بحجة السرية المصرفية.
8- يجوز للدول الأطراف أن تنظر في إمكانية إلزام الجاني بأن يبيّن المصدر المشروع لهذه العا ئدات الإجرامية المزعومة أو للممتلكات الأخرى الخاضعة للمصادرة، ما دام ذلك الإلزام يتوافق مع المبادئ الأساسية لقانونها الداخلي ومع طبيعة الإجراءات القضائية والإجراءات الأخرى.
9 - لا يجوز تأويل أحكام هذه الاتفاقية بما يمس بحقوق أطراف ثالثة حسنة النية.
10 - ليس في هذه الاتفاقية ما يمس بالمبدأ القاضي بأن يكون تحديد وتنفيذ التدابير التي تشير إليها متوافقين مع أحكام القانون الداخلي للدولة الطرف وخاضعين لتلك الأحكام .

إرجاع الممتلكات والتصرف فيها:

1- ما تصادره دولة طرف من ممتلكات عملا بالمادة 31 أو المادة 55 من هذه الاتفاقية يتصرف فيه بطرائق منها إرجاع تلك الدولة الطرف تلك الممتلكات، عملا بالفقرة 3 من هذه المادة ، إلى مالكيها الشرعيين السابقين ، وفقا لأحكام هذه الاتفاقية وقانونها الداخلي.
2- تعتمد كل دولة طرف ، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتمكين سلطاتها المختصة ، عندما تتخذ إجراء ما بناء على طلب دولة طرف أخرى ، من إرجاع الممتلكات المصادرة ، وفقا لأحكام هذه الاتفاقية ، ومع مراعاة حقوق الأطراف الثالثة الحسنة النيّة.
3 - وفقا للمادتين 46 و55 من هذه الاتفاقية والفقرتين 1 و2 من هذه المادة ، على الدولة الطرف متلقية الطلب:
أ) في حالة اختلاس أموال عمومية أو غسل أموال عمومية مختلسة على النحو المشار إليه في المادتين 17 و23 منهذه الاتفاقية ، عندما تنفذ المصادرة وفقا للمادة 55 واستنادا إلى حكم نهائي صادر في الدولة الطرف الطالبة ، وهو اشتراط يمكن للدولة الطرف متلقية الطلب أن تستبعده ، أن تُرجع الممتلكات المصادرة إلى الدولة الطرف الطالبة ؛
ب) في حالة عائدات أي جرم آخر مشمول بهذه الاتفاقية ، عندما تكون المصادرة قد نفذت وفقا للمادة 55 من هذهالاتفاقية ، واستنادا إلى حكم نهائي صادر في الدولة الطرف الطالبة ، وهو اشتراط يمكن للدولة الطرف متلقية الطلب أن تستبعده ، أن ترجع الممتلكات المصادرة إلى الدولة الطرف الطالبة ، عندما تثبت الدولة الطرف الطالبة للدولة الطرف متلقية الطلب بشكل معقول ملكيتها السابقة لتلك الممتلكات المصادرة أو عندما تعترف الدولة الطرف متلقية الطلب بالضرر الذي لحق بالدولة الطرف الطالبة كأساس لإرجاع الممتلكات المصادرة ؛
ج) في جميع الحالات الأخرى، أن تنظر على وجه الأولوية في إرجاع الممتلكات المصادرة إلى الدولة الطرف الطالبة ، أو إرجاع تلك الممتلكات إلى أصحابها الشرعيين السابقين ، أو تعويض ضحايا الجريمة.
4- يجوز للدولة الطرف متلقية الطلب ، عند الاقتضاء ، ما لم تقرر الدول الأطراف خلاف ذلك ، أن تقتطع نفقات معقولة تكبدتها في عمليات التحقيق أو الملاحقة أو الإجراءات القضائية المفضية إلى إرجاع الممتلكات المصادرة أو أن تتصرف فيها بمقتضى هذه المادة.
5- يجوز للدول الأطراف أيضا، عند الاقتضاء، أن تنظر بوجه خاص في إبرام اتفاقات أو ترتيبات متفق عليها، تبعا للحالة، من أجل التصرف نهائيا في الممتلكات المصادرة.

التدريب والمساعدة التقنية :

  1. تقوم كل دولة طرف، بالقدر اللازم ، باستحداث أو تطوير أو تحسين برامج تدريب خاصة لموظفيها المسؤولين عن منع الفساد ومكافحته.
  2. تنظر الدول الأطراف في أن تقدم إلى بعضها البعض ، حسب قدراتها ، أكبر قدر ممكن من المساعدة التقنية ، وخصوصا لصالح البلدان النامية ، في خططها وبرامجها الرامية إلى مكافحة الفساد ، بما في ذلك الدعم المادي والتدريب والمساعدة، وتبادل الخبرات والمعارف المتخصصة ذات الصلة التي ستيسّر التعاون الدولي بين الدول الأطراف في مجالي تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة.
  3. تعزز الدول الأطراف، بالقدر اللازم ، جهودها الرامية إلى تحقيق أقصى زيادة ممكنة في الأنشطة العملياتية والتدريبية المضطلع بها في المنظمات الدولية والإقليمية وفي إطار الاتفاقات أو الترتيبات الثنائية والمتعددة الأطراف ذات الصلة.
  4.  تنظر الدول الأطراف في مساعدة بعضها البعض ، عند الطلب، على إجراء تقييمات ودراسات وبحوث بشأن أنواع الفساد وأسبابه وآثاره وتكاليفه في بلدانها ، لكي تضع ، بمشاركة السلطات المختصة والمجتمع، استراتيجيات وخططعمل لمكافحة الفساد.
  5. تيسيرا لاسترداد عائدات الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية ، يجوز للدول الأطراف أن تتعاون على تزويد بعضها البعض بأسماء الخبراء الذين يمكن أن يساعدوا على تحقيق ذلك الهدف.
  6. تنظر الدول الأطراف في استخدام المؤتمرات والحلقات الدراسية الإقليمية ودون الإقليمية والدولية لتعزيز التعاونوالمساعدة التقنية ولحفز مناقشة المشاكل التي تمثل شاغلا مشتركا ، بما في ذلك المشاكل والاحتياجات الخاصة للبلدان النامية والبلدان ذات الاقتصاديات الانتقالية.
  7. تنظر الدول الأطراف في إنشاء آليات طوعية بهدف المساهمة ماليا في الجهود التي تبذلها البلدان النامية والبلدان ذات الاقتصاديات الانتقالية لتطبيق هذه الاتفاقية من خلال برامج ومشاريع المساعدة التقنية.
  8. تنظر كل دولة طرف في تقديم تبرعات إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بغرض القيام من خلال المكتب ، بتعزيز البرامج والمشاريع المضطلع بها في البلدان النامية بهدف تنفيذ هذه الاتفاقية.
وفى النهاية فإن السلطات المعنية فى مصر تقوم حاليا باستخدام هذه الاتفاقية للعمل على استرداد الأموال التى تم تهريبها إلى الخرج والناتجة عن ممارسات وأعمال إجرامية أضرت بها على مدار سنوات طويلة كانت كافية لأن تعمل على تقدم البلاد وازدهارها .

توصيات للاستفادة من الاتفاقية فى المجال الجمركى :

من قراءة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد نرى آن لمصلحة الجمارك دورا هاما ينبغى أن تمارسه فى هذا المجال نعرض منه النقاط التالية :
  1. وضع برامج تدريبية والنظر فى الاستفادة من المساعدات التقنية التى وردت بالاتفاقية بالنسبة للدول النامية بشأن خططها وبرامجها الرامية إلى مكافحة الفساد بما فى ذلك الدعم المادى والتدريب والمساعدة وتبادل الخبرات والمعارف المتخصصة ذات الصلة .
  2. وضع تدابير جمركية فعالة لمنع الفساد وكشفه .
  3. بناء القدرات فى العمل الجمركى فى مجال صياغة وتخطيط سياسة استراتيجية لمكافحة الفساد .
  4. تقييم وتدعيم إدارة الخدمات الجمركية بما فى ذلك المشتريات العمومية .
  5. العمل فى مجال الجمارك على منع ومكافحة إحالة عائدات الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية .
  6. التدريب على تطبيق القوانين واللوائح الوطنية والدولية .
  7. استخدام المؤتمرات والحلقات الدراسية الإقليمية والدولية فى مجال مكافحة الفساد .
  8. تطوير الإحصاءات والخبرات التحليلية بشأن الفساد .
ولا نملك فى النهاية إلا أن نقول لك الله يا مصر.

محتويات العدد ٤٦٢

  1. كلمة العدد دعوة للمشاركة 
  2. مصلحة الجمارك ودورها فى دعم الثورة - أحمد سعودى
  3. غرفة الملاحة على مائدة الاستفسار- أحمد الطوبجى
  4. حوار مفتوح من أجل سلامة تطبيق اتفاقية القيمة - سحر شحاته
  5. الإنفلات والإنضباط الأخلاقى بعد الثورة - محمود أبو العلا
  6. رجال على خط المواجهة - محمد مرسى
  7. الإنترنت وانعكاساتها على العمل الجمركى - فاتن فهيم
  8. لا يكفى أن نحلم - عبد الناصر عز الدين
  9. أضواء على مسابقة التثثقيف الذاتى - حنان عليوه
  10. الوظائف القياديه - منى البسه
  11. الكشف بالأشعة - هشام قناوى
  12. الأحزاب السياسية - سامح الفرسيسى
  13. ندوات تثقيفية - عصام محمد على
  14. من أجل مصر العظيمة أفيقوا - أحمد الصياد
  15. طريق النجاح - نهى شلتوت
  16. أثار مصر بين الثورة والثروة - سلوى شحاته
  17. تأملات فى الشخصية المصرية - حمدى عبد الرحمن
  18. مكافحة الفساد فى ضوء اتفاقية الأمم المتحدة - محمد على اسماعيل
  19. المناقصات والمزايدات
  20. المكسرات وفوائدها الصحية - عصام نجم
  21. قوة التحكم فى الذات - أمانى كويلة
  22. مهارات التغيير - أمينة فرغلى
  23. مفاتيح الإبداع المهنى - صفوة والى
  24. تطوير مبنى إدارة تموين السفن - عبير صنديق 


إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال